رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب يريد

هنيئاً لترابك يا مصر.. فبالأمس احتضن صاحب كلمة الحق مهما كان الثمن، وصاحب الابتسامة المعبرة عن رأيه فيمن يراه ويعرفه، إنه فارس الديمقراطية وعاشق الحرية خالد محيى الدين، أيقونة السياسة والأخلاق، فهو أول من أثبت نظرية أن السياسة تصلح مع الأخلاق والسمو والاحترام، وأنها لو أن -الكل لخالد محيي الدين- لا تكون لعبة قذرة ولا تختزل فى المصالح فقط، لقد مارس خالد محيى الدين السياسة بخلق رفيع وسمو ورجولة، وعلى مبدأ «الاستغناء» فلم يكن يغريه شيء مهما غلا ثمنه، ولم يتطلع للمناصب وكان معها فى خصام دائم، ولم يصطدم بمعارضيه لأنهم لا يعقلون واختار طريق «قول الحق ثم الابتعاد» حتى لا تلوثه المناصب والصراعات والأموال المصادرة واحتفظ لنفسه بخطوط تواصل مع مجلس قيادة الثورة ومع رموز الإقطاع وأعداء الثورة واليسار واليمين والوسط والشباب والشيوخ وكل من هو مصرى وعربى.. إن خالد محيى رحمه الله لم يكن يعرف الكراهية ولم يع ما هو الخصام أو القطيعة وإنما كان مملوءاً بالحب والعطاء وخدمة الناس.

عشت طفولتى أسمع عن أعضاء مجلس قيادة الثورة وعرفت فى نفس الفترة محيى الدين أبوالعز مدير مكتب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ومدير المخابرات وأشقاءه الفريق مدكور أبوالعز والسيد عزالدين أبوالعز الأخ الأكبر لهما، وعندما كانوا يتحدثون عن مجلس قيادة الثورة يذكرون بالخير الجميع ولكن عندما يأتى ذكر خالد محيى الدين أو يوسف صديق تتغير وجوههم وترتسم الابتسامة ويعم الشعور بالرضا والاحترام لأنهما فضَّلا الحرية كمبدأ ولم يرتض كلاهما عنها بديلاً وظل كل منهما حتى لقى وجه ربه الكريم بلا منصب من أجل الحرية للشعب وأراهما الكاسبين من هذه الثورة لأن كل من حاول التوافق أو التوفيق بين الحرية والحكم مات بعد معارك وتم إبعاده وتحمل جانباً من المسئولية وعانى الأمرين، ولكن خالد محيى الدين ويوسف صديق تجرعا المرارة مرة واحدة وأعلنا رأيهما وأجمل ما فيهما أن كليهما عالج قلبه وحريته بطريقته الخاصة وإن كان الجميع من انحاز للحق والحرية تم إبعاده بل عزله مثل عبداللطيف بغدادى وحسن إبراهيم وزكريا محيى الدين، ومنهم من صمم على النضال حتى آخر العمر مثل كمال الدين حسين ولكن فى النهاية هناك من أصيب قلبه ومات شاباً والأعمار بيد الله ولكنه مات، وهذه شهادتى بسبب الصراع بين الحق والحرية أمام الحب ومساندة عبدالناصر على طريق الحروب والقومية والخروج خارج الحدود وحرب اليمن ومنهم من قتل سواء بالانتحار أو القتل مثل عبدالحكيم عامر رحمهم الله جميعاً، فهم الآن فى دار الحق ولهم علينا فضل قيامهم بثورة يوليو والتى ما زالت تخبئ لنا الأسرار.

لقد ارتبطت بحزب الوفد وقياداته وبمجلس قيادة الثورة ورجالاته منذ طفولتى مما جعلنى أرى عدداً كبيراً منهم وأتحدث إليهم قبل أن أعمل بالصحافة وبعدها، فى محاولة لمعرفة الحقائق التى أكد لى الفارس خالد محيى الدين أنها ما زالت خافية.

وتعاملت كثيراً مع خالد محيى الدين منذ عودته للسياسة عام 1976 وكان مع كمال الدين حسين والفريق مدكور أبوالعز وأصبحوا نواباً بالبرلمان، وكان أول موضوع ينشر له عن «عودة المعزولين» سياسياً للبرلمان والشارع السياسى ومعهم رجال أحزاب ما قبل الثورة وتعلمت منهم الكثير إلا أن خالد محيى الدين ومدكور أبوالعز ود. حلمى مراد ومنصور حسن رحمهم الله علمونى بل زرعوا بداخلى أن ترك العمل والاعتزال فى ساعة صفر معينة أشرف كثيراً وأبقى سيرة من اللعب فى ملعب غير مخطط أو ملعب يحكمه فاسد أخلاقياً أو مالياً أو ديكتاتوراً وأن "المعاش" أجمل ما فى الدنيا لو كان ثمنه كرامة الإنسان واحترامه لنفسه وأن "المعاش" بسبب المبدأ هو ذكرى وعمر ثان للإنسان ولهذا خرجت للمعاش قبل تعيينى وخرجت بعد ذلك ثلاث مرات. إن المعاش بدافع شخصى أشرف كثيراً من الجلوس مع من لا مبدأ له ولا كرامة.

الحمد لله أننى عشت مع شخصيات كالبصمة لن تتكرر وعلى رأسهم خالد محيى الدين رحمه الله.

ورحم الله من مات وهدى من بقى.