رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

عندما قال له والدى «والله لو ينفع لانتخبتك عشر مرات يا خالد بيه»، شعرت بأهمية هذ الرجل الذى يتحدث معه والدى بهذا الاهتمام والتقدير، وبالمجاملة غير المعهودة.. يومها كنا فى مبنى الاتحاد الاشتراكى بمحافظة القليوبية، وكان خالد محيى الدين ـ وهو من القليوبية ـ مرشحاً لعضوية اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، وكان والدى عضواً بالمؤتمر القومى العام، وله حق الانتخاب.. وكان كمال الشاذلى مشرفاً على هذه الانتخابات فى نهاية الستينيات من القرن الماضى.. وفى وسط الاهتمام والنقاشات والدعاية، كان خالد محيى الدين يجلس هادئاً بشوشاً، لا أحد معه يروج أو يدعو له.. ولم أكن أعرف عن  خالد محيى الدين ـ وقتها ـ سوى أنَّه أحد الضباط الأحرار، وعضو مجلس قيادة ثورة 1952، وشجعنى هدوء الرجل وابتسامته التى لا تفارقه على أن اقترب منه، وأقدِّم له نفسى أننى ابن حسن بكير، فأبدى اهتماماً، رغم صغر سنى، و تحدث معى طويلاً فى أمور عديدة استشعر إدراكى لأمور عامة تشغل الكبار، ولا تجذب الشباب من أمثالى.. وأذكر انه قال لى إنَّ ابن «الوز» عوام.. ومن ذلك التاريخ علقت صورة الرجل بذهنى، وصار محل اهتمامى الى أن تشكلت صورته الكاملة لدىّ، فبات كما هو رمزاً للوطنية.. رأيته بعدها مرات فى بيتنا، يزورنا ويفتح نقاشات مع الحاضرين.. وفى كل مرة كان يذهب ويترك أثراً فى قلوب الناس، وقد كانوا من الفلاحين البسطاء.

ومع تأسيس المنابر السياسية فى عام 1976، بعد حل الاتحاد الاشتراكى، أسس خالد محيى الدين منبر اليسار، الذى صار فيما بعد حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى، وتكفل بنفسه بالتسويق لتجمعه، فكان يزور القرى ويلتقى الفلاحين والشباب، فقد كانوا ركائزه فى بناء الحزب، وكان يلجأ إليهم لدعم مرشحى حزبه فى الانتخابات البرلمانية.. وفى انتخابات 1987، وقد كانت بالقائمة، رشح الكاتب الكبير لطفى الخولى لخوض هذه الانتخابات عن دائرة جنوب القليوبية، واستهل حملته من بيتنا، أرسله خالد محيى الدين ليبدأ الدعاية من عندنا، ونظمنا له مؤتمراً شعبياً خشيت فيه أن يطغى الفكر المركسى للرجل على حديثه، فيستغله أى شاب وتحدث أزمة، إلا أنَّه  كان موضوعياً رزيناً هادئاً، فيه شىء من رائحة خالد محيى الدين ورغم سقوط لطفى الخولى فى هذه الانتخابات، إلا أنَّه عاد وزارنا مع خالد محيى الدين، ليقدم شكراً يعترف فيه بجميل مئات الناخبين الذين صوتوا له.. يومها قال خالد محيى الدين لا يعنينا نتيجة الانتخابات، فالنتائج غالباً يتم تزويرها، لكن ما يهمنا أنَّ هناك وعيا لدى الناس، يجعلهم يحسنون الاختبار، وقد أحسنتم فجئنا لنشكركم.. ولو أنَّ أحداً غير خالد محيى الدين ما جاء الى قرية يقدم شكرا لبضع مئات أعطوا واحداً من حزبه أصواتهم.

وما أسرده من وقائع بسيطة جرت فى الريف، أريد منها البرهنة على أن خالد محمد أمين محيى الدين، وقد كان رفيقاً لعبدالناصر والسادات وعامر والبغدادى وصلاح وجمال سالم، وابن عمه زكريا وبلدياته كمال الدين حسين، لم يكن أبداً مثل أى منهم جميعاً، فقد كان أكثرهم  تواضعاً، رغم عظمة قيمته، ولعل تواضعه كان أحد عوامل جذب الكثيرين لحزبه الواثب بسرعة فى مضمار السياسة فى السبعينيات.

ولعل جنازة خالد محيى الدين شاهد على قيمته، وتقدير الشعب له. ورغم رحيله سيظل التاريخ يحفظ له مواقفه النبيلة والشريفة والنظيفة فى عالم السياسة القذر.

[email protected]