رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كثر فى الآونة الأخيرة الكلام عن نهاية «داعش»؛ ورسم لها الكثير من الحكايات والروايات الدرامية الصالحة للإنتاج السينمائى؛ وللأسف معظمها بعيد عن عنصر التحليل الصحيح؛ الأخذ فى بنيانه الحقائق والوضع على الأرض؛ فتراجع «داعش» اليوم لن يكون بنفس السرعة التى تمدّد فيها، رغم أن صورته التى جاهد لترسيخها كقوة لا تقهر تلاشت كوميض برق؛ لأن «داعش» قد تشكلت نتيجة تحالف محلى بين السوريين المقموعين والعراقيين المسحوقين والبعث المهدور دمه بلا تمييز نتيجة غلط فى المعادلة؛ وعبث السلطات؛ مع التحالف بين هؤلاء وغيرهم من المهووسين الدينيين فى أماكن عدة بالعالم؛ والذى تم برعاية وتمويل واحتضان إقليمى عالمى كان مرسوما له الاستمرار لفترة أطول، لولا أن النتائج جاءت عكسية وانقلب السحر على الساحر. والجميع يعلم أنه مع نهاية تنظيم «داعش» سوف تستمر خلاياه السرية والنائمة فى النشاطات التفجيرية والاغتيالات، لكنه لن يعود قادرا على احتلال مساحات وفتح جبهات.

وللأسف أن العالم سيظل يدفع أخطاء الحسابات الاستراتيجية الأمريكية، التى لم تدرك جيداً خطورة العبث بالأفكار الدينية، وأن الاستغلال التكتيكى لها قصر نظر سياسي، لأن شحن الشباب بفكرة الجهاد فى سبيل الله، لا يمكنه أن ينتهى بزوال السبب السياسي. خصوصاً أن المنطقة العربية تعانى من تصحر أيديولوجى، وليس أمام الشباب سوى الفكر الدينى ليثبتوا هويتهم، ويبنوا مشروعهم المستقبلى الخاص، حتى ولو كان معبّداً بالدماء.

لذلك فإن هزيمة تنظيم «داعش» عسكرياً أو انشغال فروع القاعدة ببعضها بعضاً لا يعنى القضاء على الجهاديات المُتطرّفة فكراً وأيديولوجية طالما هناك بيئات ملائمة ومغذّيات سياسية تغذّى من نزعة العنف المسلّح ضد الدولة والمجتمع؛ فالفكر لا يمكن القضاء عليه بالقوة الأمنية والعسكرية وحسب، بل يحتاج إلى حال هادئة وطويلة من الرعاية والتعهّد والإصلاح وتغيير الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المغذّية لحالات الإحباط والتقوقع والفساد وغير ذلك. خاصة أن الجماعات الجهادية ذات التوجّه السلفى الجهادى فى المنطقة تعتقد أن انهيار «داعش» يعود لانحرافه السلوكى ولانعدام سويّة قادته وعمالتهم، وليس للأهداف والنصوص التى تحتكم إليه؛ مع الأخذ فى الاعتبار أن تنظيم «داعش» ليس تنظيما متطرفا محضا؛ بل هو خليط من العديد من الفئات التى شكّلتها وأسهمت فى تكوينها العقول المدبّرة الى جانب المخدوعين الذين لا يملكون من العلم بحقائق المنطقة أو بالدين الإسلامى إلا الشعارات الرائجة والمزيفة خاصة من الذين انضموا لـ«داعش» من وسط روسيا الإسلامى، ومن المغرب العربى.

وفى الحقيقة فإن أخطر ما قد يتركه «داعش» خلفه، هو نجاح جهوده فى تثبيت أطروحة الذئاب المُنفرِدة أو المتوحّدة بعيداً عن الهيكل التنظيمى حيث تمتلك أدبياته الطاقة الذاتية لإنتاج جيل جديد من المتمرّدين على النظام الدولى ودول المنشأ، متكيّفا مع التحديات والعقبات الجديدة التى تحول دون تفعيل وتظهير مخرجاته الأيديولوجية بشكل كامل فى المجتمع والدولة، من دون أن تكون الفئة الجديدة من الجهاديات المتطرّفة مُستقطبة تنظيمياً أو سبق أن خضع أفرادها لدورات تثقيفية، إذ يكفى أن تكون المادة الدينية المؤدلجة متوافرة على شبكة الإنترنت فى بضع ميجابايتات يسهل تمريرها ونشرها. وهى ستتكفّل بما يلزم.

وقد يرى البعض أن آسيا الوسطى هى قبلة «داعش» فى 2018 عقب هزيمته فى الشرق الأوسط؛ فما زال التنظيم يمتلك مخزونا كبيرا من الأسلحة، ومسلحوه خارج سوريا والعراق سيسعون لتأسيس نقاط قوية لهم فى قلب القارة الآسيوية التى تواجدوا فيها فعليا خلال السنوات الماضية. خاصة أن تنظيم «داعش» فقد المناطق التى كان يسيطر عليها، ويتطلع إلى التواجد بقوة فى أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى لإحياء دولته المزعومة.