عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

خلال جلسة ساخنة فى البرلمان العام الماضى، قال وزير التعليم طارق شوقى ردا على هجوم أكثر من 30 نائبا عليه، إنه يستهدف « تفوير » النظام التعليمى فى مصر، لأنه من المستحيل إصلاحه، وان هذا العام « 2018 « سوف يبدأ بناء نظام تعليمى جديد يبدأ من مرحلة « الكى جى » حتى الثانوية العامة.

صحيح أن تعبير «تفوير» لا يخلو من سوقية لا تتناسب مع جلال التعليم، ومع ذلك فسوف نعتبر ما قاله الوزير مجرد « زلة لسان » يمكن التسامح فيها، لكن مالا يمكن  التسامح فيه هو احتكار الوزير لعملية تطوير التعليم التى تمت فى غموض شديد، لا يعرف أحد فلسفتها  ولا أهدافها بوضوح، ولم نعرف من الذى شارك فيها، كل ما قاله الوزير كلام أكثر غموضا حول  انه يستهدف خلق مناخ تربوى وتعليمى جديد، وأن الطلاب سوف يستخدمون التابلت، وانهم سوف يدرسون مناهج الرياضة والعلوم باللغة الإنجليزية، وأن التصحيح سيكون الكترونيا، وان امتحان الثانوية العامة لن يكون موحداً على مستوى الجمهورية، بل ان كل محافظة بل ربما كل مدرسة سيكون لها امتحانها الخاص باسئلة تتدرج من السهولة إلى الصعوبة  .

من حيث المبدأ لا أحد يعترض على ان نظامنا التعليمى أصبح خارج التاريخ، يعتمد على التلقين والدروس الخصوصية  لحشو مناهج بالية فى أدمغة ملايين الطلاب، فى أبنية تعليمية الكثير منها متهالك، وتكتظ فصولها بالتلاميذ، وتختفى منها كل ما يتعلق بالنشاطات الثقافية والفنية والرياضية.

ومن حيث المبدأ أيضا، فإن كلام الوزير حول تطوير التعليم يثير الكثير من المخاوف، فالتابلت وحده ليس العصا السحرية التى ستنهى تخلف نظامنا التعليمى، وتغيير المناهج لابد أن يكون مرتبطا بقيم فلسفية ومعرفية وأخلاقية للأسف لم يوضحها لنا الوزير، بل لا نعرف عنها شيئا، والقضاء على الدروس الخصوصية يحتاج إلى مضاعفة أجور المدرسين وتأهيلهم علميا وتربويا وهو أمر يحتاج إلى ميزانية فلكية لم يعلنها الوزير، كما أن ارتباط العملية التعليمية بسوق العمل يتطلب التوسع فى التعليم الفنى والصناعى، وهو أمر يحتاج إلى تغيير الثقافة الاجتماعية التى لا تنظر بالتقدير الكافى لهذه النوعية من التعليم، وهو الأمر الذى يحتاج بدوره إلى سنوات طويلة، كما أنه ليس من مهام وزارة التعليم من الأساس، أو على الأقل هو أكبر من قدراتها.

أخشى ما أخشاه أن نكون مجرد حقل تجارب فاشلة للوزير، كل ما سينجح فيه كما يقول منتقدوه هو إلغاء مجانية التعليم، ليضيف أعباء جديدة على ملايين الأسر المصرية، ليكون التعليم الجامعى حكرا على الأغنياء وحدهم.

كان الأولى بالوزير أن يطرح مشروعه لتطوير التعليم للنقاش العام ليس فقط لتبديد مخاوف الناس من الهدف الحقيقى لهذا التطوير، ولكن فى الأساس لكى يفهموا أبعاده ويشاركوا فى نجاحه،ولا يعتبروه مجرد مغامرة غير مأمونة العواقب!