عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ما حدث فى سوريا مؤخراً يعد استكمالاً لما تقوم به الحكومات الاستعمارية المعتادة على شن الحروب على البلدان الآمنة المسالمة، واستمراراً لما تقوم به مرتزقتها من العصابات الإرهابية، ذلك الهجوم غير الأخلاقى والبعيد عن الإنسانية لتدميره، وكسر إرادة الصمود لدى الشعب السورى بالحجة الواهية عن الكيميائى، تلك المسرحية الهزلية المضحكة المستخدمة دوماً، لتبرير الجريمة بحقّ دولة مستقلّة عضو فى الأمم المتحدة، والغريب أن رعاة الإرهاب وحماته، يروّجون من خلال التهم الإعلامية أن ما يفعلونه ما هو إلا محاربة للإرهاب، وللأسف أن الطائرات الحاملة للصواريخ انطلقت من قاعدة العديد فى قطر، كما قصفت بغداد من قبل فى عام 2003، ومع ذلك علينا أن نفهم أن اختيار ترامب للقيام بعملية محدودة محسوب بكل دقة لتجنب استفزاز راعيى سوريا، روسيا وإيران، ودفعهما للانتقام، فالولايات المتحدة وحليفاها الأوروبيان اختارت ثلاثة أهداف بدلاً من القاعدة الجوية الوحيدة التى ضربت العام الماضى واستخدمت ضعف الأسلحة.

والمسئولون الأمريكيون أكدوا أن الهدف من الهجوم كان ضربة نسبية تستهدف تحديدًا منشآت الأسلحة الكيميائية فى سوريا، بدلاً من مجموعة أوسع من الأهداف، من خلال هجوم لمرة واحدة وليلة واحدة، والمتتبع للشأن السورى يجد أن الأيام التى سبقت الضربة، تضمنت تحذيراً من وزير الدفاع جيم ماتيس من هجوم سريع من دون استراتيجية أكثر عمقاً. تجنباً لاحتمال تصعيد النزاع من خلال جذب روسيا وإيران إلى مواجهة أعمق مع الولايات المتحدة فى بلد تمتلك فيه القوات الثلاث قوات على الأرض. مع دعم القوات الروسية والإيرانية لحكومة الرئيس بشار الأسد، ما يؤكد أن ما يحدث هو شو إعلامى ترامبى مدروس  فى كل شىء.

حتى بالنسبة لغة ترامب الصارمة قبل وبعد الهجوم، فالبديل الذى اختاره لم يبذل أى جهد واضح لإلحاق الضرر بالآلة الحربية الأوسع نطاقاً للرئيس بشار الأسد أو لقيادة حكومته وسيطرته على قواته بخلاف أسلحته الكيمائية. ويبدو من غير المرجح أن يؤدى انفجار الذخائر فى ليلة واحدة إلى تغيير التوازن الكلى للقوى فى سوريا بعد سبع سنوات من الحرب الأهلية الدموية. وبالطبع الأمريكان يعلمون أن الطبيعة المحدودة للضربة لن تجبر روسيا أو إيران على اتخاذ إجراء مهم. وأن الردود الروسية والإيرانية ستكون صاخبة من الناحية الخطابية، لكون الأهداف التى تم ضربها كانت مرتبطة بالبنية التحتية للأسلحة الكيمائية، وليس القواعد التى يتواجد فيها الروس والإيرانيون.

والجميع يعلم أنه فى الساعات والأيام التى سبقت الضربة، استهلكت العواقب المحتملة اجتماع المسئولين فى البنتاجون، وفى غرفة تقييم الوضع فى البيت الأبيض وفى فورت ميد، فى ولاية ماريلاند، حيث توجد القيادة الإلكترونية للولايات المتحدة، فقد شكك المسئولون الأمريكيون فى أن روسيا أو إيران ستشن هجومًا مضادًا ضد قوات الولايات المتحدة فى المنطقة، لكنهم ركزوا على احتمال حدوث انتقام غير متماثل من شأنه الاعتماد على موسكو والقدرات الإلكترونية الهائلة التى تتمتع بها طهران، التى قد يكون من الصعب على واشنطن الاستعداد لها أو الدفاع عنها، فالأزمة الحقيقية عند الأمريكان تكمن فى زرع الروس البرمجيات الخبيثة فى الشبكة الكهربائية الأمريكية، وهو ما يوازى ما فعلته إيران منذ قرابة ستة أعوام،عندما شنّت هجوماً كبيراً على البنوك الأمريكية لحرمانها من الخدمة، فإيران من بين أكثر القوى المتوسطة تعقيدًا فى استخدام الأسلحة السيبرانية، تلك المهارات المستثمرة جيداً، منذ أن قامت الولايات المتحدة وإسرائيل بهجوم على الإنترنت على مواقع تخصيبها النووى. والواقع يؤكد أن الحرب الأمريكية الروسية ستظل كلامية لمصلحة الجهتين، وكأنه اتفاق غير معلن، كما حدث من فترة سابقة للضربة الأمريكية بين السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكى ر. هالى من تبادل اتهامات قاسية مع نظيرها الروسى فى اجتماع مجلس الأمن . وفى الحقيقة أن من مصلحة أمريكا عدم إنهاء الحرب هناك لاستنزاف القوى الروسية والإيرانية إلى جانب أنها مصدر رئيسى لبيع الأسلحة والاستفادة المادية المستمرة لتجار السلاح الأمريكان.