عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لم تكن علاقة العرب بالاتحاد السوفيتى مبدئية فى أى وقت من الأوقات، حتى فى ظل النظام الناصرى.

تلك كانت الفكرة الرئيسية التى أنطوى عليها كتاب محمد حسنين هيكل  فى نسخته العربية التى صدرت بعنوان  «العرب والسوفيت» بينما  ظهر فى نسخته الإنجليزية عام 1978 تحت عنوان Sphinx,Commissar، بما يحمله من مقابلة بين المعنى الأسطورى الغامض للأثر المصرى الأشهر «أبوالهول» وبين المفوض المسئول عن نشر مبادئ الحزب الشيوعى وإقناع الرأى العام بها. وكان من اللافت للنظر أن مؤلفه لم يحرص على إعادة طبعه مرة ثانية، وخلت منه الطبعة الكاملة لأعماله التى أصدرتها قبل سنوات قليلة «دار الشروق».

استخدم النظام العربى علاقته بالاتحاد السوفيتى باعتبارها فزاعة لابتزاز الغرب الأمريكى والأوروبى، ودفعه لتقديم بعض التنازلات لصالحه، وبدا واضحاً انذاك أن هذا النظام يخشى على أنظمة حكمه  من تسلل المبادئ الشيوعية إليها، اكثر من خشيته من نوازع الغرب الاستعمارية ومن توجهات السياسة الأمريكية نحو الهيمنة والاستغلال ونهب ثروات الشعوب. ولا أعرف فى أى صفحة من صفحات التاريخ، نضع الدور العربى المقدر فى إسقاط الاتحاد السوفيتى ومعسكره، لكن المؤكد هو قول  العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله فى إحدى مقابلاته التليفزيونية أن العرب كانوا أكثر الأطراف تضرراً بسقوط الاتحاد السوفيتى، وهو قول يتطابق مع الخسائر الفادحة  التى لا تحصى ولحقت بمنطقتنا وبالعالم مع انفراد الولايات المتحدة  الأمريكية بالقرار الدولى!

وبعد قضية تسميم العميل الروسى  المزدوج «سيرجى سكريبال» وابنته يولا التى فضحها رئيس معمل بورتون الكيميائى فى بريطانيا، حين كذب علنا وزير الخارجية البريطانى نافيا أن يكون المعمل قد ذكر جنسية المادة المستخدمة،  كما قال الوزير، وأنه  يحدد فقط نوعيتها، انطلقت حملة مسعورة  غير مستندة سوى إلى مزاعم وأكاذيب  لشيطنة روسيا، و لفرض مزيد من العقوبات  الغربية الأمريكية والأوروبية على روسيا، وصفها وزير الخارجية الروسى  «سيرجى لافروف» بأنها تحولت إلى «روسيا فوبيا»، وقطعت قنوات التواصل بين روسيا والغرب، وعادت بالعلاقات بينهما إلى أسوأ مما كانت عليه أثناء الحرب الباردة.

 وبدت تريزا ماى قائدة هذه الحملة،  عاجزة  عن تقديم مبررات تقف على أقدامها أمام منتقديها من حزب العمال البريطانى  فى مجلس العموم عن مبررات مشاركة المملكة المتحدة فى  العدوان الثلاثى المسرحى على سوريا، الذى تم دون انتظار لنتائج تحقيق  لجنة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ليصبح الهدف الغربى المؤكد هو إفشال الحل السياسيى فى سوريا، وتثبيت تقسيمها.

ليس بعيداً عن الصواب  القول إن الولايات المتحدة والدول الغربية باتت تصدر مشاكلها الداخلية وتهرب منها إلى  مغامرات خارجية، كبدت منطقتنا منذ غزو العراق واحتلاله وتقسيمه واقعياً أهوالاً، وصراعات طائفية ومذهبية، وفتحت، ولم تزل حرباً دولية على الإرهاب لا أفق منظور للخروج منها!

والحرب الغربية على روسيا، هى صراع غير خفى على الأسواق، وعلى  تراجع روسيا الخائرة الضعيفة، وتقدم روسيا لاستعادة دورها فى القرار الدولى، وليس للعرب أية مصلحة  تذكر فى مساندة  تلك الحرب، التى تعيد التوتر فى العلاقات الدولية بما  ينعكس سلبا بالضرورة على قضايا المنطقة: من القضية الفلسطينية، إلى الحروب المستعرة فى كل من اليمن وليبيا وسوريا، إلى التدخل  الغربى والأمريكى الفظ والغليظ فى شئون دول المنطقة.

والعلاقات العربية الأخاذة فى التحسن مع الصين وروسيا والهند والبرازيل ودول أمريكا اللاتينية، تعيد التوازن إلى علاقات الدول العربية مع الغرب الأمريكى والأوروبى، بما يحافظ على الحقوق العربية، ويفتح المجال واسعاً، أمام خيارات متنوعة لمصدرى القرار فى المنطقة العربية.