رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

تأملات

لست ضد التطور، فتلك سنة الحياة، ولست ضد الاجتهاد، فهو من أسس الدين، ولكنى ضد توظيف الدين لخدمة السياسة، صحيح أن ذلك بدأ بالنسبة لنا كمسلمين منذ ظهور الإسلام، إلا أن الأمر اكتسب آليات وأشكالا عديدة تتطور مع تطور الزمان، وهو ما أدى إلى ظهور مصطلح فقهاء أو شيوخ أو علماء السلطان وهو فى أكثر التعريفات شيوعا يطلق على مجموعة الأشخاص الذين لديهم قدر من العلم الشرعى ولكن يستعملونه بشكل أو بآخر لخدمة مصالح أمير أو قائد أو زعيم أو سلطان معين حتى وإن كان هذا لا يتماشى مع أخلاقيات ذلك العلم أو مع النصوص الشرعية, ويقومون بلوى أعناق النصوص لتناسب مصالح حكامهم ومن فوقهم, وفى بعض التعريفات فإنه يطلق عليهم أيضاً: «شيوخ السلاطين», و"شعراء البلاط" أو «شيوخ البلاط». وفى قيامهم بذلك فإنهم يستخدمون سلطانهم على الناس الذين يرون فى هؤلاء العلماء الأكثر أهلية  لتفسير الدين.

فلم يكد عصر الخلفاء الأوائل ينتهى حتى بدأت معارك اختلاق أحاديث على لسان النبى من أجل نصرة هذا أو ذلك فى الصراع الذى دار بين الأمويين والشيعة، فى اول وأكبر عملية لتوظيف الدين لخدمة فريق أو آخر فى صراع سياسى، والسبب الرغبة فى الحصول على ذهب المعز والخوف من بطش سيفه. وتم بذلك إرساء قاعدة عانى منها الفقه وعانت منها مسيرة المسلمين وتتمثل فى خضوع الفقهاء لما يراه السلطان، وذلك بغض النظر عما إذا كان ما يراه هذا السلطان هو الصحيح أم لا.. فما يهمنا هنا المبدأ والذى ينال من الدين نفسه قبل أن ينال من الفقهاء أو سلطانهم أيا كان.

على مستواى الشخصى، لم يرد فى بالى فى يوم من الأيام وجود أى علاقة أو رابط دينى بين المرأة وتلك الألة الحديدية التى يمكن لها أن توجهها أينما شاءت.. السيارة.. كان انزعاجى بالغا عندما علمت فى مرحلة من مراحل حياتى أن هناك من يحرم قيادة المرأة للسيارة، ولذلك سعدت بأن يتحول الأمر إلى العكس، ولكن أن يتم ذلك فى إطار الظروف التى تم فيها بناء على فتوى دينية فذلك ما يمثل خلطا بين الدين والسياسة ربما يجب العمل على تجنبه.

لا أعرف ماهى موسيقى الجاز، ولا أعرف للجاز علاقة سوى بالوابور.. وابور الجاز.. ولذلك ليس لى أى مشاعر أو رأى تجاه السماح بها أو عدمه ولكن أن يتحول الأمر بين يوم وليلة من التحريم إلى التحليل فذلك أمر يكرس الرؤية التى أشير إليها بشأن توظيف الدين لخدمة السياسة!

قد يكون فى الأمر كما يرى البعض ثورة لها إيجابياتها، وهو أمر ليس مجال التناول هنا، غير أن تأتى الثورة من أعلى وليس من أسفل، فهذا الأمر ربما يجب أن يكون مجال تحفظ، وإذا جاز لنا أن نرحب به فإنه يجب فى الوقت ذاته أن يثير مخاوفنا على مستقبل تعاملنا مع الدين من أن يصل فى وقت ما إلى الحد الذى قد يراه البعض  دمية – والعياذ بالله – يمكن التلاعب به كيفما شاء!

أفضل تصوير لما وصلنا إليه أو قد نصل إليه ما ذهب إليه البعض من تشبيه الإسلام بأنه على هذا النحو مثل البحر تستطيع أن تنزل فيه وتصطاد أى الأسماك تشاء.. فتاوى بالتحريم موجودة، بالتحليل موجودة، بالكراهة موجودة.. كله موجود وبجميع ألوان الطيف، وقد يصل الأمر الى وجود فتاوى معبأة تستطيع أن تستخدمها فى أى وقت وفى أى ظرف يناسبك. فإذا كنت تريد فتوى بجواز الصلح مع العدو، فليس هناك مشكلة، بل من  الممكن أن يتم إخراج الفتوى بالحالتين جواز الصلح وعدم جوازه بحيث يتم استخدامهما حسب الحاجة، أو حسب هوى السلطان القابع على رأس الحكم، أما إذا كنت تريد حكما دينيا بشأن الاستعانة بقوات أجنبية لمواجهة اعتداء عسكرى من شقيق فى الدين.. فمن الممكن أن يتم تفصيل الفتوى حسب الحاجة فمن الممكن ربطها بزمن، ومن الممكن ربطها بطبيعة العلاقة مع الشقيق ومن الممكن إصدار فتوى بجوازها فى المطلق دون قيد أو شرط.

وإذا كان الشىء بالشىء يذكر نشير هنا إلى أن انتصار العلمانية فى الغرب فى العصر الحديث إنما جاء على وقع الوضع المتردى الذى وصلت إليه الكنيسة فى أواخر العصور الوسطى، وهو ما دفع بالكثيرين للتساؤل عن حكمة الدين على النحو الذى كان يتم تقديمه آنذاك؟ .. فليت فقهاء السلطان يرحمونا من التلاعب بديننا ويبحثون عن ذهب المعز بسبل اخرى؟

[email protected]