رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أعتقد ان كثيرين ممن قرأوا رواية «واحة الغروب» للأديب الكبير بهاء طاهر، والصادرة طبعتها الأولي في مايو 2007 لم يتوقفوا أو يلتفتوا إلي عبارة رويت علي لسان الإسكندر الأكبر أراها بليغة في وصفها، خطيرة في مضمونها، كاشفة لما يدور حولنا في القارات الست، ولا أبالغ إذا قلت إن هذه العبارة هي سبب شقاء كثير من شعوب العالم ليس العالم النامي فقط بل والمتقدم أيضاً.

العبارة أو الفقرة التي سطرها بهاء طاهر تتضمن دروسا وتعاليم تلقاها الإسكندر الكبر علي أيدي الكهنة المصريين لإدارة شئون الحكم.. هذه التعاليم تحولت إلي قواعد سياسية ونظريات استراتيجية ومنهاج عمل لحكم الشعوب بالحديد ولنار وكانت بداية الثورة علي الحرية.

من المؤكد أن المطالبة بالحرية، هي أخطر ما يخيف أي حاكم.. فالحرية تقف ضد كل فاسد وكل انحراف وكل تجاوز وتقهر استغلال النفوذ وغياب العدالة.. من هنا تأتي أهمية الحرية في كشف الحقائق وفضح الانحرافات.. لكن بعض الحكام لا يروق لهم ذلك.. لذا يحرصون علي زراعة الخوف في قلوب شعوبهم، ليس هذا فقط بل تغذية هذا الخوف حتي يصير الخوف متعة تتلذذ به الشعوب وتتغزل في محاسنه، بل وتدافع عن متعة الخوف وتكفر بالحرية!!.. وهذا ما تعلمه الإسكندر الأكبر في مصر وطبقه في مصر أيضاً!!

عندما دخل الإسكندر الأكبر مصر قادماً من مقدونيا علي رأس جيش كبير، لم يكن يدرك أن المصريين يعبدون حاكمهم.. أسس الرجل مدينة الإسكندرية علي شاطئ البحر المتوسط.. ثم دلف إلي الصحراء وتحديداً إلي الواحات، حيث كانت الحضارة الفرعونية في مراحل ضعفها وهناك غمر الكهنة بالهدايا وقدم للآلهة القرابين.. فمنحه الكهنة لقب «ابن الإله آمون».. صار إلهًا فأحبه المصريون وعبدوه!!

تعلم الإسكندر الأكبر من كهنة المعبد في مصر الفرعونية ما لم يتعلمه من «أرسطو» أعظم فلاسفة اليونان.. فانطلق من مصر إلي الشرق ليحطم الإمبراطورية الفارسية حتي بلغ بلاد الصين ماراً بالقارة الهندية.

ما هو الدرس الذي تعلمه الإسكندر الأكبر علي أيدي الكهنة في مصر القديمة وجعله يسيطر علي شعوب الشرق ويبسط نفوذه بالحديد والنار؟!

يقول الإسكندر الأكبر في «واحة الغروب»:

تلقيت الدروس من زيارتي لـ«آمون» ولقائي بكهنة المصريين المتحدثين باسم الأرباب.

هناك تعلمت أن الخوف لا الحكمة هو أساس الملك.. تعلمت انه لابد من إخافة العامة دائماً بالعقاب والعذاب علي الأرض وفي السماء، لكي يعرفوا الطاعة والاستقامة، تعلمت انه يجب علي الحاكم ألا يسمح للعامة بالحرية أو بالمتعة، بل عليه أن يعلمهم أن يجدوا المتعة في الخوف.. يجب أن يعبدوني في الخوف وبالخوف.. هذا هو أثمن درس تعلمته من «آمون» والمصريين.. طبقته فنجح لا في مصر وحدها بل في كل مكان كنت أسمع صدي هتاف المصريين الجنوني المتهدج بالبكاء لفرعونهم «الإسكندر» في هتافات أخري في أرجاء آسيا للإله الفاتح الجديد.

ووجدت بالطبع دائماً أولئك القلائل من المتمردين الذين يحلمون بالحرية، وهؤلاء غالباً ما كان يتكفل بهم العامة أنفسهم قبل أن أتكفل بهم أنا، يكشفون مؤامراتهم ويفرحون لسقوطهم، لأن أولئك الحالمين يريدون أن يسلبوا من العامة نعمة الطمأنينة في الخوف.

هذا هو أخطر درس يتعلمه الحاكم.. أي حاكم