عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

كان شأننا - ولايزال - مع تدهور العملية التعليمية تدريجياً هو في بدايته مجرد أحاديث وتعليقات في وسائل الإعلام، طبقاً لما اعتدنا عليه بتركنا ظهور الظواهر الضارة في حياتنا تستشري ويستفحل ضررها، ليكون ما تأتي به مجرد مادة للثرثرة والأحاديث المطولة بلا انتهاء إلي نتيجة!، وكم استهلكت منا قضية الدروس الخصوصية وتحولت بالسكوت عنها إلي حلولها محل المدارس التابعة للدولة وغيرها من المدارس الخاصة إلي أبنية تبرم فيها اتفاقات علي الدروس الخصوصية بين التلاميذ ومن يصادفونه من المدرسين!، وخلال رحلة طويلة للدروس الخصوصية معنا حتي بلغت ذروتها في الازدهار بتقدير الخبراء الذين أكدوا أن الأسر المصرية تنفق المليارات من دخلها علي الدروس الخصوصية لابنائها في مراحل التعليم المختلفة!، وانتباه المحللين إلي أن الدروس الخصوصية قد أوشكت علي أن تكون هي التعليم المصري حاليا!، وأن «بيزنس» الدروس الخصوصية قد أصبح يحمل صك الاعتراف به ليس من الأسر فقط، بل وينال اعتراف الحكومة ذاتها بالترخيص لما يعرف حالياً بالمراكز المرخص لها بتنظيم وإدارة أماكن لهذا الغرض حتي تؤدي دورها تجاه جموع الطلاب!، وحتي الهجمة التي قامت بها وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الداخلية لإغلاق مراكز الدروس غير المرخصة والقبض علي من يديرونها من تجار ومعلمين لا يعملون في مدارسهم، وإنما يقضون الفترة الصباحية في هذه المراكز وحتي انقضاء النهار!، كل ذلك لم يصرفني عن الثبات عن اقتناعي بأن مرض الدروس الخصوصية تعود نشأته واستمراره وازدهاره إلي المدارس أولاً وأخيرا!، وأننا لو فتشنا عن أصل الداء في المدارس لوجدنا أنها قد تحولت -للأسف - الشديد إلي مؤسسات طاردة للتلاميذ بعد اقتناعهم بأن المدارس - وقد خلت من المعلمين - ولم يعد للمعلم - حتي إذا حضر للمدرسة -أدني نفع من وجوده!، حيث لا تدريس ولا شرح، بل حفز للتلاميذ كي يسارعوا بالاصطفاف في طابور الدروس الخصوصية!.

وعندما أدرك محافظ الشرقية حكمة ما اقتنعنا به من أن العلاج لابد أن يبدأ بالمدرسة، كان قراره المتشدد بإغلاق مدارس الدروس الخصوصية بالمحافظة، وتغريم المعلمين بها 50 ألف جنيه وإحالتهم للمحاكمات التأديبية!، وجاءت المفاجأة من ضحايا الدروس الخصوصية الذين تتوجع أسرهم لفداحة ما تنفقه علي دروسهم!، إذ خرج التلاميذ في مظاهرة تندد بقرار المحافظ، ويؤكدون وقوفهم أمام ديوان عام المحافظة أن قرار المحافظ «غير مدروس»!، وأن القرار «في غير صالحهم»!، خاصة وأن - مربط الفرس - «المدارس خاوية من المدرسين»!، كما توقع التلاميذ في مظاهرتهم فرض مدرسين عليهم في مجموعات التقوية المقرر تنظيمها في المدارس!، وقيام عدد من المدرسين المتوقفين عن إعطاء الدروس الخصوصية في المراكز بالضغط علي أولياء الأمور لإعطاء أبنائهم الدروس الخصوصية في المنازل!، وبقيمة مادية مضاعفة!، وطلب التلاميذ بوضوح عدول المحافظ عن قراره حرصاً علي مستقبلهم!، لكن محافظ الشرقية كان له مسلك آخر إذاء غضب الطلاب ضحايا الدروس، فقد شدد علي مديري الادارات التعليمية عند اجتماعه بهم علي ضرورة الاجراءات والمتابعة اليومية المستمرة للتأكد من جودة العملية التعليمية داخل فصول المدارس، موضحاً أن مافيا الدروس الخصوصية تنظم حملة تحريضية شرسة للطلاب بتصدير فكرة أن المحافظ يهدد مستقبلهم، وقال المحافظ: «لن يثنينا أحد عن مواقفنا حتي نقضي علي آفة الدروس الخصوصية»، وكل ما أرجوه أن يثبت هذا المحافظ علي موقفه، وأن يأخذ بكل شدة الذين غابت ضمائرهم وأصبحت «قبلتهم» أموال الدروس الخصوصية فقط، فالبداية - كما فعل المحافظ - من المدرسة.