رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

أعرف لينين الرملى منذ نحو خمسين عاما، كنا نتزامل فى دراسة أدب المسرح  فى أكاديمية الفنون، كان يسبقنى بدفعة، وكان نجمه قد أخذ فى السطوع من قبل أن يلتحق بالأكاديمية، حيث بدأ فى نشر قصص قصيرة فى مجلتى صباح الخير وروز اليوسف، وكتابة مقالة نقدية ساخرة، تحت عنوان: أدب وقلة أدب، فى صحيفة العمال فى عهدها الذهبى، وتقديم تمثيليات قصيرة للتليفزيون والإذاعة.

بدا لنا لينين  نحن زملاءه انسانا متغطرسا، لا يكلم أحدا ولا يبادر بالاقتراب من أحد،  يمشى «ملكا» فى ردهات الأكاديمية «واثق الخطو» لا يكترث بما يدور حوله، وما إن تتجرأ وتقتحم عليه عالمه، حتى يتبين لك أنك أمام إنسان وديع، بالغ الحياء والخجل، يمتلك عقلا مليئا  بالحيوية والعمق وعشقا لا سقف له للأدب وفن المسرح، لا يكف أبدا عن تأمل الظواهر الاجتماعية والسياسية والسلوك الإنسانى، وهو ما تجلى بعد ذلك فى أعماله التليفزيونية والمسرحية والسينمائية وكتاباته النقدية الساخرة، التى شكل بعضها علامات فارقة، سواء فى السينما أو فى المسرح أو فى الدراما التليفزيونية.

لعب شغف لينين  الرملى بالمسرح مؤلفا ومخرجا ومديرا لبعض الوقت لفرقة مسرحية، دورا مهما فى تأهيل وتدريب  وتقديم أجيال من الفنانين الذين صعدوا ولمعوا وصاروا نجوما، يتصدرون الآن معظم الساحات الفنية بينهم فاروق الفيشاوى ومحمد نجم  وشريهان  وهانى رمزى ومنى زكى وأحمد حلمى  وعبلة كامل  وياسمين عبد العزيز، فضلا عن محمد صبحى الذى شكل معه واحدا من أنجح الثنائيات الفنية. ولا يخرج عمله المسرحى الأخير «اضحك لما تموت» عن هذا السياق. والمسرحية بدأ عرضها على المسرح القومى من فبراير الماضى، من اخراج عصام السيد، وكان يفترض أن تستمر حتى مايو القادم لولا ظروف غير مواتية اعترضت نجميها الرائعين «نبيل الحلفاوى»  و«محمود الجندى» فأوقفت العرض، الذى نجح فى إعادة  الجمهور بكثافة غير معهودة إلى مسرح الدولة، ليصبح بدوره –الجمهور – بطلا من أبطالها بإقباله على مشاهدتها، وتفاعله مع أحداثها وتنوعه اللافت للنظر من كافة الأجيال و مختلف الفئات الاجتماعية  والعمرية.

تجرى أحداث المسرحية فى شقة تطل شرفتها على ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير ، يلتقى فيها صديقان، الأول استاذ فى التاريخ  توفيت زوجته وغاب عنه ابنه وعزل نفسه عن الحياة تاركا الأمراض الخطيرة التى أصابته لتأخذه  نحو موت بطىء، والثانى فنان تشكيلى طردته زوجته وهجرته ابنته  الوحيدة بالسفر للخارج فتملكته فكرة الانتحار. كلا الصديقين مثقل بتاريخ من الهزائم والانكسارات التى خلفها الصراع السياسى، وتوازن نفسى هش بنى على أوهام حب مخفى فى الأعماق، وعذابات العجز عن التأثير، وفقد القدرة على التواصل مع التطورات المتلاحقة التى تجرى فى الحياة والمجتمع.

تناقش المسرحية فى قالب هزلى ساخر ينتزع القهقهات من مشاهد نابضة بالحيوية  تمزج بين الملهاة والمأساة، الصراع  المعقد بين جيلين، الذى يتجلى فى علاقات مدمرة بين الآباء والأبناء، وفى  جيل شباب يناير الذى خرج يبحث عن التغيير بشتى الطرق وأيا كانت النتائج، وجيل الستينيات المحبط والمهزوم، الذى بات  أسيرا  لخيبات  ماضيه يعانى من العجز عن التأثير، وتطالبه المسرحية بالاختفاء من المشهد، مبشرة بقدرة الجيل الجديد على بعث الأمل فى المستقبل، وتحقيق ما عجزت عنه الأجيال السابقة. وهى فكرة جديرة بالتأمل ومعاودة النقاش بجانب المضامين الجريئة السياسية والاجتماعية والفكرية والجمالية التى تنطوى عليها المسرحية، وعرضها الخلاب الذى يجعل الفعل الثورى مرادفا لمعنى الخلاص بالمفهوم الفلسفى.