عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

الأول من أبريل، قد يكون يوم «الكذب» أو «المزاح والدعابة»، كما جرت «العادة» في كل عام؛ لارتباطه بالحماقة والخداع والتدليس في أذهان الكثير من شعوب ودول العالم.

وسواء أكانت تلك «العادة» تقليدًا أوروبيًا قبل قرون، إلا أنها انتشرت في جميع البلدان، وأصبحت إحدى التقاليد الشعبية، باستخدام الطرائف أو الشائعات، ولذلك يُطلق ‏على من يصدقها اسم «الضحية» أو «السمكة».

تلك «العادة» التي أطلقها الغرب، كانت لبث روح الفكاهة، إلى أن تم تصديرها لعالمنا العربي، حتى أدمنها بشكل مختلف، وصارت مرتبطة بالكذب، فأصبحت الشائعات و«السخافات»، مسلسلًا تتواصل حلقاته على مدار العام، وليس في أول أبريل فقط!

بكل أسف، على امتداد عالمنا العربي هناك كثيرون يدمنون الكذب، بل يتنفسونه كالهواء، حتى أصبح عندهم «عبادة» وليس «عادة».. يمارسونه في جميع الأوقات، وعلى مدار اليوم، حتى بات لديهم أمرًا ضروريًا مستساغًا، وقناعة تصل إلى حد اليقين!

يرى كثيرون ـ ونحن منهم ـ أننا نعيش منذ عقود في كذبة كبرى، من خلال واقع بائس مرير.. زائف، ما جعل حماقة الكذب توصلنا لانتشار ثقافة التبرير، التي تعد مؤشرًا سلبيًا لانحدار منظومة المبادئ والقيم والأخلاق!

لقد أصبحنا نعيش في مسرحية هزلية مفضوحة، تثير الاشمئزاز والقرف، لكن ذلك لا يعني أن نصدق هؤلاء الذين يتمادون في غِيهم وظلمهم وتضليلهم.. أما هؤلاء المغيبين، الذين يبررون كل ما يرونه أو يسمعونه، فإنهم بالتأكيد ليس لديهم ما يخسرونه!

بكل أسف، بات الكذب مقررًا فاضحًا، وبضاعة رائجة، بل أصبحت شيئًا مألوفًا ومستساغًا، ليصبح اللغة الرسمية والخطاب المتبادل والعُرف السائد، ما يجعلنا نتساءل بصدق: هل أصبح منطق الكذب وقلب الحقائق وظيفة ينبغي اتقانها؟!

إننا نعيش الآن في عالم يسكنه الكاذبون على اختلاف أنواعهم، خصوصًا تلك الفئة من السياسيين والإعلاميين والأدعياء من رجال الدين، لكثرة تلوناتهم وتحولاتهم، وتمترسهم خلف قناعات كاذبة متناقضة، ومبررات واهية!

بكل أسف، أصبحنا نرى كثيرًا من المطحونين والمقهورين والمغلوب على أمرهم (مرغمين أو بإرادتهم) متعطشين للكذب، تواقين لتصديقه، على اعتبار أن لا أحد يراهم، بل يعتبرونه نوعًا من الذكاء الاجتماعي، حتى أصبح الكذب منهاج حياة!

مأساتنا أننا اعتدنا الكذب ـ على مدار العام، وليس في أبريل فقط ـ تحت مسميات ومبررات مختلفة، فأصبحنا نكذب على أنفسنا، ونستخدم كل الوسائل لكي نكون مقنعين بصدق ما نطرحه، مستخدمين التضليل وقلب الحقائق وتشويه الآخرين!

مأساتنا أننا نعيش في كذبة كبيرة.. كاذبون في إخلاصنا وولائنا وانتمائنا وفي تربيتنا لأطفالنا، وفي تعاملنا مع شريك حياتنا، أو حتى في أداء عملنا.. نكذب في كل شيئ، حتى أصبحنا نكذب على أنفسنا، بل ونصدق ما نكذب.

مأساتنا أننا نعيش في أحلام وردية من نسج خيالنا، ونبني عليها أساطير.. نرفض الواقع المرير ونستهزئ به، لأننا فقدنا السيطرة على أنفسنا وأصبحنا ضعفاء النفوس, جبناء، لا نقدر على مواجهة حقيقة أنفسنا الكاذبة والمهزومة.. والمحصلة تسطيح فكري وعقائدي!

مأساتنا أن مجتمعاتنا أصبحت رثة وفاشلة، مهزوزة الصورة والمضمون، غير قادرة على وضعنا في مصاف الشعوب المتحضرة والناجحة, بل تسحبنا نزولًا نحو السقوط في عصور ما قبل التاريخ.. ولكن إن قيل غير ذلك بأننا سنكون وسنصبح وسنظل (......) فلتكن إذن كذبة أبريل!

[email protected]