رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ماذا لو أن مشاهدًا يشاهد التليفزيون، ثم فجأة خرجت عليه الصورة عبر الشاشة الزجاجية وراحت تضربه على وجهه وتفتك به..؟ لقد حدث هذا حدوثًا رمزيًا فى برنامج اسمه «انتباه» على قناة المحور المصرية والذى تقدمه المذيعة منى عراقى.

لقد عملت المذيعة منى فى برنامجها منذ بدايته على وتيرة إثارة القضايا الاجتماعية والثقافية محاولة لفت الانتباه كما هو عنوان برنامجها من أجل إيصال رأي ما حول قضية ما للمشاهدين. لكن هذه المرة أرادت منى أن تتحول تلك الحلقة إلى هجوم شرس على شريحة واسعة من المتابعين. هجوم أشبه بخروج منى من الشاشة وقبضها على أعناق الرجال جميعا وتوجيهها الضربات على الهواء مباشرة!!

والحق أن المذيعين بشكل عام يعتدون فى بعض الأحيان على متابعيهم بشكل أو بآخر وهذا ليس بجديد، لكن الجديد أن منى جعلت من الرجل محور كل جريمة على وجه الأرض، واستندت على معرفتها الشخصية لجعل الأنثى من جانب آخر ملاكًا طاهرًا خاليًا من العيوب فهى كانت تردد بعد كل اتهام أنها لم تعرف ولو امرأة واحدة على الأقل قد اغتصبت رجلا؟!.

عادة ما تكون المواضيع التى تجعل الرجل فى مفارقة صراع مع المرأة مواضيع ساخنة وحيوية وتعزف على أوجاع كل من الجنسين، فهل كان برنامج انتباه بحاجة لمثل هذا العزف؟ وهل كانت مذيعته تسعى لخدمة الناس من خلال هذا المنبر أم إيقاع الرجال بالنساء؟.

فى الحقيقة أن موضوع الاغتصاب والتحرش من أخطر المواضيع للطرح. فالاغتصاب جريمة من أبشع الجرائم التى يتم فيها التعدى على جسد الضحية حيث يتم عن طريق القهر والإجبار، وهو فى العادة ليس بغرض الاستمتاع الجنسى وحسب وإنما الرغبة فى ممارسة القوة والتسلط على طرف أضعف من المعتدى لوجود علة نفسية وسلوكية فيه أو لأسباب أخرى، وقد رسمت منى عراقى اللوحة كاملة فى هذا الخصوص رسمتها بآلامها وأحزانها وآثارها الفظيعة على الضحية. كانت الحلقة تناقش مشكلة لابد من نقاشها وكانت تفتح ملفات لابد من فتحها حتى لو كان الأمر يتطلب الخروج من الشاشة وصفع المتابعين!!

لن ننحاز هنا اتفاقًا أو اختلافًا لأن البرامج التلفزيونية الأسرية عادة ما تقتحم إحساسنا الوجدانى، ولعل معاناة منى تأتى من أنها أول إعلامية عربية على حد علمى امتلكت الشجاعة الكافية لتعترف على الهواء بأنها تعرضت للاغتصاب فى بلد يعج بالمتحرشين نهارا جهارا والذين لا يخيفهم مجتمع ولا يردعهم قانون.

وهنا يطرح تساؤل مهم.. هل الدافع وراء الجريمة دافع يتعلق بجنس المجرم.. هل السارق حينما يسرق يفعل ذلك مدفوعًا بخلفيته كرجل أو بجنسه كأنثى؟ إن ما استطردت قوله منى فى الست دقائق الأخيرة من البرنامج فى تهكم قوي برغبة الرجل الجنسية التى تستحوذ عليه وتتحكم فى تصرفاته وتأخذه يمينا وشمالا وتنزله إلى أدنى درجات الإنسانية. بينما يكون الجنس دافعًا للمرأة للارتقاء والسلوك الراقى. كل هذه تُهم تحتاج لتأكيد علمى فلا يحق لمن يظهر على منبر تلفزيونى أن يوجهها بدون استناد علمى دقيق.

فى تصورى أن تجربة منى مع الاغتصاب كانت السبب وراء اندفاعها فى اتهام الرجال بأسلوب غير علمى ولا ما يتطلبه عمل المذيع من حيادية وموضوعية. لكن كان من المهم جدا فى الوقت ذاته الاستماع لصوت منى باعتبارها ضحية وباعتبارها صوتًا للمعاناة ولا ينبغى إسكات هذا الصوت لأن إسكاته يصب فى مصلحة المغتصب وحده، وكان الحري بالمجتمع ومؤسسات الدولة أن تنظر بجدية لموضوع خطير دقت منى أوتاره بقوة المظلوم المحترق بنيرانه.. ولعل صوتها يصل للرجل المسئول والمتهم فى الوقت نفسه.