عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

هذه أرض مباركة. تفوح روائح الجنة فى أنحائها. سيناء حُضن لا سجن. تُراب مُقدس وفضاء من رحمات. «خُط بقدميك أرض سيناء وستطلب الشهادة». قالها لى بطل استثنائى لا يطلب المعرفة ولا ينتظر الشُكر أو الشهرة.

حكى لى كيف أصيب أربع مرات برصاص وعبوات ناسفة وأصر على العودة إلى ميدان القتال بعشق محموم لا يعرف تفسيره. عندما التقيته بكيت وأنا ألمح فى عينيه طلب الشهادة. «فى سيناء كُل شىء يمضى كأنك ترى الأمور والحوادث على حقيقتها دون أى تزييف». يقول لى «أحمل فى جيبي حفنة من رمل سيناء، وريقات شجر، قطع من ملابس شُهداء أنقياء سبقونا إلى الله». يعلم أنه يُحارب دفاعاً عن أمان المصريين، دفاعاً عن كرامتهم، شرفهم. يُقاتل شياطين غادرين، ينثرون الكراهية ويختطفون حق السماء فى تقرير الجنة والنار، ويخربون، ويدمرون، ويقطعون الأشجار.

هًناك سباق محموم بين مصريين أنقياء للثبات أمام فلول الخوارج. يتقدمون فى شجاعة ليُغيروا خرائط دولية مُعدة سلفاً، ويقهروا اتفاقات أجهزة عالمية تُطلق الرصاص علينا من الخلف.

قال لى «نجحنا ولم يعد لهم شوكة فى الأرض المباركة. صاروا يظهرون دقيقة واحدة ليصوروا إطلاقهم رصاصاً علينا ثُم يفرون سريعاً». إلى أين؟.. أسأله فيجيب «إلى الكُتل السكنية». ويردف «هُم يعلمون إن التعليمات لدينا هى عدم استهداف أى تكفيرى داخل الكتل السكنية أو مع أهله كى لا يصاب مدنيون». ويحكى لى كيف طاردوا مجموعة إرهابيين دخلوا إلى منازلهم ورفعوا الأطفال أمامهم فقرر أبطال مصر إيقاف المطاردة.

«فى البيوت التى تصدر أوامر بنسفها لوجود أنفاق فيها يتم تعويض صاحب البيت بثلاثة أضعاف قيمة البيت ويتم تأمين عائلته حتى ينتقل لمكان آخر. يذهب رجال القوات المسلحة إلى المنازل بالمؤن والهدايا ويقدمون للأطفال الشيكولاته، ويتشاورون مع شيوخ القبائل لتحقيق رضا الناس الأبرياء. لم نأت لنقتل، وإنما جئنا لندفع خطراً ونرد كيداً» هكذا يقول لى بطل الظل.

يعرف الرجل تماماً كيف يقلب إعلام القتلة فى تركيا وقطر معانى الفداء والشرف إلى خسة. يروجون مزاعم ويكذبون يكذبون يكذبون ليشوهوا جمالاً هُم عاجزون عن نيله. مرة ومرات سأله والده إن كانوا يقتلون العُزل، فأجابه بأنه رباه على الأخلاق الحميدة، وأن مَن يطلبون الجنة، لا يغدرون ولا يقتلون بريئاً أو أسيراً.

ما يفعله المصريون على أرض سيناء مُبهر دون شك. قصة فداء تؤكد أن مصر عصية على الخضوع، أبية على الخنوع، صلبة أمام الشدائد. فى زيارة لأمريكا جاوزت الأسبوعين علمت كيف يُحاول خبراء الاستراتيجيات فى أمريكا الاستفادة من تجربة مواجهة الإرهابيين فى سيناء. لقد ذاق الأمريكيون مرار جماعات الموت فى العراق، وتعرضوا للقتل والحرق فى الصومال، واهتزوا خوفاً من النسف فى أفغانستان، لذا فقد كان ما جرى فى سيناء درساً يطلبونه بعجب.

فى يومٍ ما انفرد بطل سيناء بابنه ذى السنوات السبع. أعطاه أوراقه ومذكراته، وقال له: «لا تحزن وثق إن أبلغوك موتى أننى مِت راضياً مرضياً. افخر بوالدك ولا تبك. وكُن رجلاً لمصر».

والله أعلم.

[email protected]