عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سطور

بعد انتهاء يومى الطويل جدًا والمرهق جدًا أيضًا,  فى ركنى المخصص والهادئ بمنزلى, روحت لأجلس على أريكتى المريحة التى اعتادت على السهر معى حتى أوقات متأخرة فى الليل، وكنت قد أطفئت جميع الأنوار الغرفة, وأشعلت إضاءة قريبة منى لتمكننى من القراءة بشكل جيد, ووسط رائحة العود- المنبعثة من الفواحة التى كانت بالجوار- والتى ملئت أجواء الغرفة, وعلى أصوات السيمفونية السابعة لـ«بتهوفن».. بدأت أقرا بعض أبيات الشعر لشاعر الحرية فى أمريكا–كما أطلق عليه- «والت وايتمان» 1819- 1892م, وأعتقد أن اختيارى فى تلك اللحظة تحديدا لاشعار» والت وايتمان» كان مناسب بدرجة كبيرة لـ«مودى».

فالشعر مأخوذ من كلمة شعور, أى احساس, وغالبا ما يعبر هدا الشعور عن احساس قائله, كما يحاول أيضًا الايحاء أو زرع احاسيس ومشاعر معينة فى القارئ أو المتلقى, ولعل أشعار «والت ويتمان» فى مجملها تبدو لى كتجسيد لفظى للمعنى الانسانى للحرية, وربما صادف دلك أن هدا المعنى العميق وتلك الفكرة الكبيرة التى أشعر بأنها تتجول بوجدانى طوال الوقت, كما أشعر أيضًا وأتخيل لمرات عديدة بأننى أطير فى سمائها الواسعة ليل نهار.

وأشعار «والت ويتمان» فى مجملها عبارة عن قصائد بسيطة سهلة, يستطيع أى انسان ان يفهمها ويشعر بها بسلاسة, كما يستطيع الناس جميعا أن يرددوها وهم يسيرون فى الطرقات، أو وهم يعملون, أو يركبون سيارتهم الخاصة وحتى فى المواصلات العامة.

فهى أشعار تحتوى على فضائل رائعة كثيرة، ربما كان ولا يزال أقربها إلى قلبى فضيلة «التسامح», تلك الفضيلة التى باتت بكل آسف فى تتأكل يوما تلو الآخر فى عالمنا القاسى، لدرجة أننى انضممت مؤخرًا لمعسكر الخاشيين على التسامح من الانقراض.

وربما أكثر ما جذبنى ويجذبنى دائمًا فى أشعار هدا الشاعر العجيب, الذى يبدو لى كبحر من الانسانية والصفاء والتدفق الروحى, موقفه من «المخطئين», فلم يكن «والت ويتمان» يرفض المخطئين من البشر, الدين غالبا ما يقف منهم المجتمع موقف الانكار والرفض, بل كان ينظر إليهم على انهم ضحايا ظروفهم وقسوة مجتمعهم والناس عليهم, فكم كان عميقا فى نظرته لخبايا النفس البشرية, والتى غالبا ما تكون النظرة الظاهرية لها أو ملامحها الخارجية مصدرًا لاساءة فهمها وتقديرها.

فقد كان شاعرنا الأنيق المشاعر, كثيرًا ما يصاحب أبأس الناس فى نيويورك, ويعيش فى وسطهم، وكان من المعروف أن «ويتمان» صاحب البشرة البيضاء لديه العديد من الأصدقاء أصحاب البشرة السوادء – أو ما كان يطلق عليهم لفظ زنوج – فقد كان يحبهم ويحبونه, ولعله من البيض القلائل الدى رفض فكرة «التفرقة العنصرية» تلك الفكرة التى كانت لها أحزاب سياسية وجيوش مسلحة تحاول فرضها على بعض المجتمعات فى هدا العصر بكل ما أوتيت من أسباب.

ولحديثنا بقية