عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

بوتين القيصر، المستمر على عرشه فى الكرملين، توليفة من عناصر شتى جعلت منه صاحب الهيبة فى العالم، له مفهومه الخاص بشأن الديمقراطية، المقاتل الشرس، سريع الغضب، المولود فى غرفة صغيرة بمساحة 20 متراً مربعاً، عاشق فن السامبو (نوع من القتال القريب) المطرود من منظمة الشباب الشيوعية «المتطوعون الشباب». الممتلك آلة إعلامية تعرف كيف تقدمه مصارعاً الطبيعة بركوبه عارى الصدر على ظهر حصان، أو غائصاً فى أعماق البحر الأسود مكتشفاً الجرار الإغريقية القديمة، وفى مشاهد أخرى مدجناً الحيوانات البرية كنمور سيبريا والدببة القطبية، رغم أنّ الوثائقيين أو السكان المحليين هناك يقولون إن هذه الحيوانات أُخذت من حدائق حيوانات أو تم أسرها قبل أيام، ليظهر قوياً ونشيطاً كلّ الوقت.

وبوتين قومياً متطرفاً طيلة حياته، وهو يعمل ما بوسعه ليستعيد روسيا كقوة كبرى فى العالم من خلال تأثيره على الأشخاص الذين يمسكون بزمام السلطة، قائد يسوده العجب بالنفس. وبوتين فى حياته محطات رئيسية أولها عندما بلغ السادسة عشرة من عمره، خاطب وكالة الاستخبارات السوفيتية (KGB) طالباً العمل معهم. ومن أجل ذلك تقدم بوتين إلى جامعة لينينجراد وتم قبوله رغم أنّه لم يكن طالباً مثالياً. بعد تخرجه فى جامعة لينينجراد عام 1975، أصبح حلم بوتين العمل بالخدمة السرية محققاً، ولكن أكثر خدمته مع (KGB) كانت فى المكاتب والورقيات، عمل لصالح (KGB) فى ألمانيا الشرقية فى (درسدن)، واشتمل عمله على جمع قصاصات الجرائد وكتابة التقارير. وفى أواخر الثمانينيات بدأت الأمور بالتغير، ورغم أن حركات المقاومة الشيوعية بدأت تترسخ عبر شرق أوروبا إلا أنّ بوتين حافظ على ولائه للاتحاد السوفيتى ولـ (KGB).

فى عام 1989 اندلعت فى ألمانيا الشرقية أعمال الشغب والاحتجاجات فعاد بوتين إلى روسيا ليجد بلداً يتغير بسرعة وبشكل جذرى، وكانت ذروة ذلك عندما حاولت (KGB) بالتنسيق مع المتشددين من الحكومة عمل انقلاب ضد ميخائيل جرباتشوف، وفى عام 1989 انتُخِب البروفيسور فى القانون «أناتولى سوبتشاك»، ليصبح بوتين مستشارا لـ «سوبتشاك» عندما كان يعمل فى جامعته الأم فى لينينجراد، وبالشراكة مع سوبتشاك الذى لم يكن مؤيداً للديمقراطية كما زعم فى البداية، بقى بوتين قريباً من دوائر السياسة ولعب دوراً أساسياً مع كلا جانبى الانقلاب، واستمر بوتين وسوبتشاك بتنصيب نفسيهما مدافعين عن الديمقراطية، وأرسل رسالة استقالة أخرى إلى (KGB).

وبعد فشل الانقلاب استفاد بوتين وسوبتشاك من الظروف السياسية والمالية المتردية فى روسيا وفاوض بوتين شركة ألمانية لاستيراد اللحم لروسيا، وبالمقابل وافق على تصدير موارد طبيعية بما قيمته 92 مليون دولار لكون روسيا لا تملك النقود آنذاك.

وعندما اعتُقِل سوبتشاك وأصيب بالمرض وتم وضعه فى المستشفى، ساعده بوتين فى الهروب والذهاب إلى باريس، ثم توجه بوتين إلى موسكو ليصبح نائباً فى الإدارة الرئاسية، وبعد عام واحد استطاع إسقاط كامل تهم الفساد بحق سوبتشاك، حيث توفى هناك وكان السبب الرسمى لوفاته نوبة قلبية، ليجئ دور يلتسين فى حياته الذى كان يرى فى بوتين قائداً مخلصاً نشيطاً متحمساً، وقرّبه ليكون خَلَفَه ومع حلول عام 1998 تخلفت روسيا عن سداد ديونها الخارجية، والتمس يلتسين خلفا له من دوائره السياسية المقربة، كانت الزمرة السياسية الصغيرة ليلتسين، والمسماة «العائلة» قررت أن بوتين هو المرشح المثالى، كان الاقتصادى الأوليكارشى بيريزوفسكى أيضاً أداة ساعدت بوتين فى النهوض أعجب بيريزوفسكى بنمط حياة بوتين الذى بدا متواضعاً وبمقاومته للرشوة، وكونه من صناع الملك، استطاع بيريزوفسكى إقناع يلتسين بجعل بوتين رئيساً للوزراء، وبفضله استطاع بوتين آنذاك ترأس «الوحدة» وهى حزب سياسى جديد بدون أيديولوجية خاصة به، ساعد بيريزوفسكى أيضاً فى تكوين صورة بوتين الإيجابية وحتى فى تمويل السيرة الشخصية للقائد الوشيك، فى آخر يوم من القرن العشرين، أعلن يلتسين استقالته بشكل غير متوقع وعين بوتين، أمسك بوتين بالسلطة، وأعاد تشغيل السياسة والاقتصاد والشعب الروسى، وصبّ التهديد الشيشانى فى مصلحة بوتين واستمد منه المزيد من السلطات، كل تلك العوامل والشخصيات مشتركة خلقت القيصر بوتين.