عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

قبل أن أحكى لكم هذه الواقعة يجب أن نميز جيداً بين موهبة الشخصيات وبين سلوكياتهم، كثيراً جداً من الزعماء والفلاسفة والفنانين أثبتوا مهارات وتفوقاً فى تخصصاتهم، لكن على الجانب الأخلاقى والإنساني، مثلهم مثل غيرهم من البشر لهم هنات وإيجابيات، أقصد أننا لا يجب أن نضفى هالة من التقديس على الرموز، نحتسب له ما يقدمه ونقر بسلبياته.

الموضوع ببساطة هو اتجار بعض الشخصيات البارزة فى النياشين والرتب فى عهد الخديو عباس الثانى، وهذه الشخصيات تعد من رموز المجتمع، على رأسهم: الزعيم مصطفى كامل، الشاعر الكبير أحمد شوقى، والشيخ على يوسف صاحب جريدة المؤيد، والصحفى الكبير إبراهيم بك المويلحى وآخرون.

الواقعة ذكرها أحمد شفيق باشا فى مذكراته فى سنوات 1903 و1904 و1908، بدأ ذكر هذه الواقعة بقوله: وقد لوحظ هذا العام أن المسألة بلغت حداً عظيماً من الفوضى، وأن الرتب أصبحت كالسلع السهلة، وكان لهذه التجارة وسطاء كثيرون، منهم الشيخ على يوسف، وحسين بك زكى، وأحمد بك العريس، وإبراهيم بك المويلحى، ومصطفى الحصرى، وأحمد شوقى بك الشاعر، ومصطفى كامل، الذى كان ينفق ما يأخذه فى الدعاية لقضية مصر، وكان لكل رتبة سعر مخصوص يدفعه الطالب، فالرتبة الثالثة يدفع عنها 250 جنيهاً، والثالثة مع لقب بك 300 جنيه، والثانية 400 جنيه، والمتمايز 500 جنيه.

وكثيراً ما كان يعتدى بعض الوسطاء على بعض، ويختلس البعض ثمرة جهود الآخر، ولقد جاءتني عدة رسائل من أحمد شوقى بك يشكو فيها الشيخ على يوسف، وحسن بكرى بك، قد أفهما أحد الذين أنعم عليهم بواسطته أن هذه الرتبة لم تكن إلا بمجهود الشيخ على يوسف.

ولما كثر الانتقاد على ذلك حتى من رجال المعية، مثل أحمد فخرى باشا، وعزت بك، وغيرهما، ونظرا لما كان بينى وبين بطرس غالى باشا من صداقة فقد تحادثت معه بصفة خاصة، وأشرت إلى بعض المسائل التى تؤخذ على الخديو، وفى مقدمتها مسألة الرتب، وأن الواجب على النظار أن يبذلوا النصح لسموه، فقال: ولكن المحيطين بالخديو هم الذين يزينون له ذلك، فقلت له: إن هؤلاء يعملون ذلك لمصالحهم الشخصية، وإن الواجب ألا يترك المخلصون للخديو من أمثالكم هذه المسألة حتى يستفحل أمرها، ولما لم يقم بطرس باشا بسعى فى ذلك السبيل، فاتحت سموه فى مسألة الرتب، فأجابنى قائلا: يا شيخ أنا عارف ما أفعله فليس لأحد فى المعية ولا غيرها دخل، وأنا لى فئة خاصة يبحثون عن مستحقى الرتب، ويعرضون على بعض منهم وأنا أمنحهم.

ومن الحوادث التى تدل على استفحال هذه الفوضى أنه أريد مرة إعطاء رتبة لعمدة، وبما أنه معتبر موظفاً فى الحكومة ولا تعطى له الرتبة إلا بطلب منها، فقد أوعز إليه أن يستعفى، وأوعز المأمور المركز أن يؤخر إرسال استعفائه للمديرية بضعة أيام، منح فى خلالها الرتبة ثم استرد استعفاءه».

[email protected]