عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يستطرد «فريدمان» قائلاً: خلال الحرب الباردة بين سنة 1947 وسنة 1989، ركزت السياسة الأمريكية على الحرمان الاستراتيجى للاتحاد السوفيتى من الشرق الأوسط، وجزء من هذه العملية للوصول لهدفها كان وضع شاه إيران كشريكنا الأمنى الأساسى فى الخليج الفارسى وسبب سقوطه لنا تحويل الاعتماد على السعودية وأوحت لنا الرغبة فى سد طريق الشرق الأوسط أمام الاتحاد السوفيتى أن نحمى إسرائيل من جيرانها المرتبطين بالاتحاد السوفيتى.

وفى سبتمبر تحدث «بول بلار» إليكم ببراعته المعهودة عن موضوعات الخلاف الذى لا ينتهى بين إسرائيل والفلسطينيين.. وسأقتصر على إضافة جزء إقليمى استراتيجى ودبلوماسى إلى ما قاله «بول» يسعدنى أن أطرق الموضوع من جديد مع آخرين عندما تتاح لنا فرصة تبادل الآراء.

إن الاحتضان الأوروبى الأمريكى للصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية كان مدفوعاً إلى حد كبير بالحاجة للتكفير عن أهوال المحرقة التى ننسى أحياناً أنها بشاعة ارتكبتها المسيحية الأوروبية، وليس الإسلام الشرق أوسطى، وكان تأسيس دولة صهيونية توسعية فى فلسطين قد أصبح دافعاً رئيسياً لاحتدام الصراع فى المنطقة وبين مسلمى العالم.. وكان رد فعل العرب إزاء طرد إسرائيل الجماعى لعرب فلسطين هو الرغبة فى الانتقام من أقليات يهودية قديمة فى العالم العربى ما دفعهم للهرب إلى إسرائيل.

استمرت المعارضة العالمية للصهيونية فى إذكاء روح العداء لأمريكا والإثارة الثورية فى الشرق الأوسط، وسهل ذلك من تغلغل النفوذ السوفيتى فى الشرق الأوسط وهدد قدرة الدول العربية المحافظة وكذلك إيران على تبرير استمرار التحالف مع أمريكا أمام شعوبهم.. وخلال حرب «يوم الغفران» سنة 1973، أنقذ الجسر الجوى الأمريكى الضخم إسرائيل بتعويض خسائرها وجنبها الهزيمة، ولكنه دفع معظم الدول العربية إلى قطع علاقاتها مع أمريكا. وكان رد الفعل الأمريكى للعداء العربى هو الدبلوماسية المكوكية وما عرف بحركة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية.

 

ولكن بمجرد انتهاء الحرب الباردة، امتدت عملية السلام بلا نتيجة ولا نهاية وفقدت قيمتها الاستراتيجية فى محاصرة العدو السوفيتى، وفى الحقبة الأولى من القرن الحادى والعشرين وفى غيبة خطر سوفيتى يدفع إلى السلام انتهت عملية السلام، ولم يعد الرؤساء الأمريكيون يجدون أى سبب يدفعهم إلى تحمل الألم السياسى، الذى تسببه داخل أمريكا نتيجة تدخلنا فى المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، سارت أمريكا فى طريق رعاية هذه المفاوضات لفترة من الزمن، ثم توقفت، وأدى ذلك إلى أن يعيد كل من الفلسطينيين وإسرائيل تقييم الدور الأمريكى فى المنطقة.

عندما ننظر للخلف، فإن «عملية السلام» كانت أداة دبلوماسية شديدة الفاعلية فى تحويل أنظار العالم عن الفظاعات التى ترتكبها إسرائيل لمن نزع أملاك الفلسطينيين وتهجيرهم القسرى من أراضيهم وامتهانهم، ونتيجة تعاون أمريكا مع إسرائيل وتغطيتها على جرائمها استطاعت إسرائيل استغلال الحماية الدبلوماسية الأمريكية فى القضاء على أمل الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم فى دولة مستقلة، ولم يبق لهم إلا الاستسلام للسيادة الإسرائيلية الدائمة أو النفى خارج فلسطين، سواء ثبت فى المدى الطويل أو لم يثبت أن هذه السياسة والاستراتيجية الإسرائيلية ستكون فى صالح أمن إسرائيل واستمرارها كدولة.

ونقف عند هذه الفقرة حتى المقال التالى، ولكن علينا أن نسترعى نظر «فريدمان» أنه مع احترامنا له قد جانبه الصواب عندما قال إن محرقة هتلر لليهود كانت أهم أسباب إصرار الدول المسيحية الأوروبية على إنشاء إسرائيل من باب التوبة.. فمشروع إنشاء إسرائيل رسمياً كان بوعد «بلفور» سنة 1917، قبل المحرقة بربع قرن، وسبقته قرون من مشروع دولة يهودية فى فلسطين كان أخطرها وأوضحها خطاب نابليون بونابرت أمام حائط المبكى فى القدس سنة 1798 فى طريقه لفتح عكا.

الرئيس الشرفى لحزب الوفد