رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

 

عرفت الدكتور جابر عصفور، من خلال حواراتى معه عن الثقافة والتنوير والاستبداد السياسى والتطرف الديني، فهو امتداد ثقافى وتنويرى

للدكتور على عبدالرازق ومصطفى عبد الرازق، ويشبهه الكثيرون بالدكتور طه حسين ويرون أنه يمثل امتدادًا له، حيث انشغل بقضية الثقافة والتنوير، الذى يراه مذهب غربى فى الفكر ذاع فى القرن التاسع عشر لكننا لم نقبله كما هو وحدث له إعادة إنتاج، بواسطة «الطهطاوي» لأنه كان يقيس على العقل.. وبالعقل ما يقبله أو يرفضه فى ضوء مبادئه الأساسية الإسلامية، و«الطهطاوى» شق الطريق لمن جاء بعده، وأخذوا منه المبدأ الأساسى وهو الاعتماد على العقل بتقديمه على النقل، حتى إذا تعارض العقل مع النقل أُو المنقول فى ضوء العقل وهذا هو التنوير فى رأيه.

واندهش عندما قال لى: انه لا يعرف لماذا جاءوا به وزيراً؟!، وكان لديه 67 عاماً والمسافة العقلية بينه وبين الشباب كبيرة، ولابد أن يكون عقله ثورياً مثلهم، حتى لا يلجأوا إلى تبريرات واهية والشعب كان مجروحاً مما جرى له ولابد أن يُعامل بشفقة، والقانون لا يعرف ذلك فالقانون قانون.                                                                                       فترك الوزارة بعد أسبوع من توليتها لأنه خُدع من الفريق أحمد شفيق عندما قال له: مصر فى خطر ونريد أن ننقذها، وكان من الصعب أن يرفض، ثم سأل نفسه هل هذه الوزارة من الممكن أن تنقذ الوطن؟ بعدما وجدها تغوص فى الوحل «على حد تعبيره» فكان الصدام العنيف مع أعضاء الوزارة عندما قال: لن ينقذ هذا البلد إلا حكومة ائتلافية، فرد عليه أنس الفقى بصلف شديد جداً، بأنها حكومة الحزب الوطنى لأنه الأصل، وعندما يستعين الحزب بأحد الخبرات فهذا لا يعنى أن الحزب لا يحكم وهذا ما جعله يتقدم باستقالة مسببة.

وأكد «عصفور» أن الفكر التنويرى بدأ مع رجال الدين من مشايخ الأزهر مثل «الطهطاوي» وتلاميذه الأفغاني، ومحمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبى، ولكن يوجد الكثير من رجال التنوير الأفندية مثل فرح أنطون، وقاسم أمين، وطه حسين، وسعد زغلول، وأحمد لطفى السيد وأحمد أمين، وكانت فكرة التنوير بمثابة مواجهة للأفكار السلبية المتطرفة التى جاءت بها جماعات الاسلام السياسي، وبمثابة سلاح يتصدون به للأفكار التى تطالب بدولة دينية وإحياء الخلافة.. وكان من الطبيعى أن يلوذوا بأفكار التنوير، وبإضافة فكر جديد يبعث الحيوية فى هذا الفكر ويجعله موافقاً لروح العصر والتطور.

ويرى الدكتور «جابر» أن العقل مرجعية أى مشروع تنويرى، أى إعمال العقل الذى يستند إلى قاعدة مهمة جداً وهى الدولة المدنية القائمة على التسامح والحرية والعدل الاجتماعى والإيمان بنزعة إنسانية لا تميز بين الأجناس فى إطار الرابطة الإنسانية العامة، وبدون هذا لا يمكن أن يوجد فكر تنويري، لكن المصيبة فى مصر تستند إلى عكازين الأول التعصب الديني، والثانى الاستبداد السياسى، حيث انهما سبب الكوارث التى مر بها المجتمع، ولهذا يُقرن الاستبداد السياسى بالتعصب الدينى لأنهما وجهان لعملة واحدة وهى الإقصاء.

ولهذا يشير إلى أن المشروع التنويرى تم ضربه مرتين، الأولى مع عبد الناصر فى مارس 1954 عندما انكسرت الديمقراطية على أحذية ضباط يوليو، وكانت ضربة قاصمة ومع ذلك ظل باقيا بقوة القصور الذاتي، لكنها وصلت إلى محنة التنوير بالضربة الأصولية مع السادات وهى الضربة الثانية التى مازالت مستمرة ومتلاحقة وتحولت إلى ضربات.

ويبرهن أن الإسلام يميل إلى استخدام العقل، لأنه بدأ بأول فعل «اقرأ» وما أكثر الآيات التى ذُكرت مثل التدبر والتفكر، والتأمل والاعتبار، والإشارة الى العلم والمعرفة والنظر.. وهذا معناه أنه دين يحترم العقل، ولهذا ذهب «العقاد» الى أن التفكير فريضة إسلامية والإمام محمد عبده طالب بتقديم العقل على الشرع، وعند التناقض يؤول النص الشرعى لصالح العقل، ولهذا أدرك «عصفور» أن العقل هو منارته التى يلجأ إليها عندما ترهقه الأشياء..

مؤكداً استحالة تحقيق مشروع تنويرى بدون صراع بين السلطة والفقهاء، إلا فى وجود ديمقراطية كاملة حقيقية، وبعد أن نمحو أمية الناس ونرتفع بـ40٪ من الشعب المصرى الذين هم تحت خط الفقر إلى ما فوق هذا الخط.. وحينها سنضمن للشعب لقمة العيش ومعرفة القراءة والكتابة.. ومن هنا ستتغير الأشياء كلها فى مصر لأن جزءاً كبيراً جداً من البلاوى التى تؤرقنا الآن سببها الفقر والجهل وعدم الثقافة.