رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

علاقتى بدار الشروق علاقة قارئ عادى بدار نشر، هى بالنسبة لى جزء لا يتجزأ من وسط البلد، جولتى بالمنطقة لا تكتمل إلا بزيارة فرعها فى شارع طلعت حرب. أدخل بهدوء، أتأمل الأرفف، ينظر إلى الموظف متلصصاً وتعلو وجهه ابتسامة بأن ها هو زبون يبدو مضموناً لإتمام عملية شراء، أمصمص شفتى، أخرج متحسراً على عدم قدرتى على شراء ما أريد بسبب ارتفاع الأسعار. أما علاقتى بالمعلم الذى لا أعرفه شخصياً، فهى لا تتجاوز كونى صديقه أو هو صديقى على «الفيس بوك».. هذه مقدمة أعتقد أنها تبرئ ساحتى من أى اتهامات يمكن أن تطالنى بسبب هذه الشهادة التى أقدمها فى السطور التالية، فضلاً عن أن «الشروق» لها من يدافع عنها، سواء كان المعلم أو غيره.

فقد فوجئت بحملة فى الوسط الثقافى على «الشروق» بدعوى إساءة احتكار الدار أعمال أديب نوبل، نجيب محفوظ، وأن هناك اختفاء لأعماله أو بعضها بشكل محدد وبشكل خاص الأعمال القديمة. فى البداية مرت على ذهنى رواية الصديق العزيز إبراهيم فرغلى «أبناء الجبلاوى»، التى تخيل فيها اختفاء أعمال «محفوظ» من الأسواق، وقدم خلالها إبداعاً متميزاً من خلال أسلوب جديد فى السرد الروائى ليس هنا مجال التفصيل فيه، ولولا أننى أعرف «فرغلى» ونبل أخلاقه لورد على ذهنى اتهامه بالباطل باختلاق الأمر لكى تتحقق نبوءته التى قدمها فى الرواية.

المهم.. فى المطلق أقول إن الناشر، أى ناشر، كل حلمه أن يقع على أعمال ناجحة يطبع منها طبعة أولى وثانية وعاشرة، فالأمر فى النهاية يصب فى نجاحه مادياً ومعنوياً، فما المانع لدى المعلم من أن يقوم على هذا الأمر!. فضلاً عن ذلك يمكن القول إن «الشروق» من مسيرتها تعتبر داراً «براجماتية»، فما يحكمها اعتبارات السوق، فهى تنشر لليبرالى والاشتراكى، المؤمن والكافر، البر والفاجر، صاحب الفكر الجاد وذى الكتابة الهزلية.

ثانياً أى دعاوى عن أن تتولى وزارة الثقافة أعمال محفوظ لا يستند إلى حجج منطقية، حيث يتجاوز كافة ما يتعلق بحقوق النشر وتشجيع على الفوضى بشأن هذه الحقوق. أما عن دور الوزارة فى تعزيز نشر أعمال محفوظ باعتبار محورية هذه الأعمال فى الثقافة المصرية، فإنه يمكن حلها عن طريق الاتفاق بين هيئة الكتاب والشروق على أن يتم تقديم طبعة شعبية منها ضمن مكتبة الأسرة، وكثيراً ما قامت الهيئة بذلك فى أعمال أخرى مع الشروق وغير الشروق، وبالتحديد مع المصرية اللبنانية ونهضة مصر وغيرهما، فما المانع؟ لو رفضت الشروق لوجب التشهير بها وكشف مراميها، أما وأن الأمر لم يتم فليس هناك مجال للحملة.

ثالثاً أن الدعوى السائدة الآن وهى حقيقية أن الشباب -والمفروض أنه المستهدف من إعادة طباعة أعمال محفوظ، فالعواجيز شبعوا من قراءتها- لم يعد يقرأ سوى من على «النت».. وأعمال محفوظ كلها موجودة بصيغة «بى دى إف» على شبكة الإنترنت، سواء على شكل أعمال كاملة طباعة الشروق فى عشرة ملفات، أو على شكل أعمال فردية. أى أنها متاحة لمن يريد، ولمن لا يستطيع التوصل إليها، فإننى أتطوع بأن أقدمها إليه.. ما على الراغب سوى إحضار فلاشة بعشرة أو عشرين جنيهاً ليأخذ حصاد إنتاج محفوظ على مدار 63 سنة من الإبداع بعيداً عن الشروق ووزارة الثقافة والدوشة التى ليس لها أى لازمة ما دام الهدف هو قراءة محفوظ ليس إلا!

رابعاً: إن الحملة على الشروق لم توفق فى اختيار هدفها، فلو أن الهدف هو تركيع الشروق ومرمغة سمعتها فى التراب، فإن هناك الكثير من القضايا التى يمكن إثارتها وتهدم الشروق من الأساس.. من الممكن لمن يريد فتح ملف المساعدات الخارجية التى تلقتها لدعم العمل الثقافى فى مصر وكم يبلغ وأين أنفق وكيف تم الحصول عليه بالضبط؟ ليس ذلك فقط بل يمكن لأحد المحامين أن يتقدم ببلاغ للنائب العام بأن الشروق تضر بمصلحة الوطن بدأبها على نشر قضايا تحض على الإرهاب من خلال كتابات يوسف القرضاوى وسيد قطب -والجو يسمح- حتى لو كانت توقفت فيمكن أن يكون البلاغ بأثر رجعى! إيه المشكلة!

أتصور أنه هكذا يتم النيل من الشروق أما أن نأتيها من ناحية أعمال محفوظ وأنها لا تنشرها كاملة، فأتصور أنه مدخل خايب. والله أعلم!

[email protected] com