عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

 

إنت فين يا طارق.. اتأخرت كده ليه؟.. أنا مستنياك ع الغدا.. ما تجريش وسوق على مهلك أنا مش جعانة خلى بالك من نفسك.. ربنا يستر طريقك يا بنى ويجيبك بألف سلامة.

هذه الرسالة اليومية التى كنت أطرب بسماعها يوميًا عدة مرات وكانت لا تمل من تكرارها، وكان القلق يساورها كل لحظة فتعيد الاتصال بحجج أخرى كى تتأكد أننى ما زلت سائرًا على الطريق ولم يمسسنى سوء.

وبمجرد وصولى إلى المنزل أتوجه قاصدًا غرفتها وأقبل يديها وأطلب من أبنائى إحضار ملابس لى فى غرفة أمى كى أستعد للطعام التى كانت تصنعه بيديها وتتفنن فى طهى كل ما نعشقه رغم مرضها الذى امتد ما يزيد على عشرين عاماً، وكانت راضية ومحتسبة ودائمًا ما تقبل يديها (وش وضهر) عرفانًا بفضل الله علينا.

كانت تعرف من وجهى إذا كنت سعيدًا أم لا وإذا كانت هناك مشاكل تواجهنى أم لا.. مجرد نظرة واحدة تقول لى شكلك معذور والله تأخد الفلوس دى وتخرج من شنطة علاجها مبلغًا ماليًا يقل عما يوجد بجيبى أضعافًا ولكنها كانت تقول لى أهى حاجة تسد خانة.. والنواية بتسند الزير، وكنت أقبل يديها وأقول لها مستورة يا ست الحبايب.. وبمناسبة أغنية ست الحبايب فكانت وما زالت نقطة ضعفى فى حياتها وبعد مماتها، وما زال أبنائى يراهنون بعضهم على بكائى بمجرد سماعى الألحان قبل الكلمات.

رحمة الله عليك يا أمى والتى توافق ذكراكِ ذكرى عيد الأم إلا أيامًا قليلة، وكما كانت فى حياتها مصدر إلهام لأشعارى وكتاباتى خصوصًا الإنسانية منها فبعد مماتها أيضًا تذكرنى دموعها الحاضرة دائمًا على خديها بكل معانى الإنسانية والعطف والشفقة وسؤالها عن الأهل والأقارب.. المريض منهم قبل السليم والمعذور قبل ميسور الحال.

الله يرحمك يا أمى كنت شيالة هموم وجميع أشقائى وشقيقاتى كانوا ينالون نفس الاهتمام ونفس السؤال عليهم وعلى أبنائهم، وكانت لا يغفل لها جفن إذا كان أحدنا فى محنة، أو أن هناك خلافات بيننا ولم تهدأ رغم مرضها إلا بحل أية مشكله تواجهنا.

فى ذكراك أعلن للجميع أننى دونك لا شىء وأشعر باليتم والضعف والخوف من أى شىء، والله كنت لى (ضهر) بمعنى الكلمة وفقدته بموتك وحتى الآن أستحضر أدعيتك وطيباتك وأدعو الله أن تكونى سندى فى هذه الأيام الصعبة، ولا أنسى يا أمى كلمتك المشهورة أنت محسود ولازم أرقيك، أو أنت عندك (نفس) وأضع رأسى على حجرها وأسمع كلمات الرقية التى تبدأ بكلمات رقيتك واسترقيتك من عين اللى شافك وما صلاش ع النبى.. عليك الصلاة والسلام يا رسول الله وكنت أقوم بعدها معافى وأنفض الأوجاع والآلام وتصفو نفسى وأشعر كأننى مولود جديد، ثم تنظر إلى وأنا أب لخمسة أبناء وهى تقول لى خليك مستريح.. يا دوب عنيك فتحت ووشك راق.. ثم تحمد الله وتواصل دعاءها لى وأخرج من غرفتها وأنا أشعر أننى أقوى إنسان فى العالم.. وها أنا الآن أعيش على ذكرى أدعيتها ورقياها ونصائحها وكرمها مع الجميع، والذى نالنى منه الخير الكثير سواء ماديًا أو معنوياً.. رحمة الله عليك يا ست الحبايب.