عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

في مثل هذا اليوم كنت أعاني دائماً من حيرة شديدة وذلك بسبب التفكير في استقبال عيد ست الحبايب وماذا سأقدم فيه لأمي الحبيبة أطال الله عمرها ولزوجتي الغالية التي رحلت عنا مؤخراً، فكل منهما لها دور كبير في حياتي، فأمي هي من أتت بي إلى هذه الدنيا وتحملت الكثير لكي تصل بي لما أنا عليه الآن ولهذا أحتار كثيراً في مسألة إرضائها حتى ولو بشيء رمزي يقول لها إنها في قلبي وفي عقلي ولم أنسها يوماً ولن أوفها حقها أبداً، لأنها قدمت لي ما لم يقدمه أحد، ولذلك كانت ومازالت وستظل هي سيدتي الأولى التي أحبها حباً لا يوصف ولا يقدر بكنوز الدنيا.

أما زوجتي الحبيبة ورفيقة العمر التي رحلت وتركتني وحيداً متأثراً بفراقها كنت أحتار جداً في ماذا أقدم لها في عيدها وما الذي سيفرحها ويسعدها؟

كانت حيرة شديدة لسيدة عظيمة حملت كل معاني الجمال في أمومتها وخوفها على بيتها وزوجها وأبنائها، فكنا عالمها الوحيد الذي تعيش فيه ومن أجله ولا يسبقه أي عالم أو اهتمام آخر، دعوني أحدثكم عنها ونحن نحتفل بأول «عيد أم» وهي ليست معنا.

كانت زوجتي الراحلة «منار» اسماً على مسمي لأنها كانت تنير حياة أسرتنا الصغيرة بحبها وحنانها وطيبة قلبها واهتمامها بنا جميعاً فلم تكن بالنسبة لي الزوجة وأم أبنائي فقط ولكنها استطاعت أن تكون أمي الثانية.

نعم زوجتي... كانت أمي الثانية التي سعت وبكل ما أتاها الله من قوة وصبر أن تكون عوناً لي في كل مراحل حياتي، بقناعتها ورضائها بأي شيء فكانت تفرح وتسعد بأقل القليل، وكنت دائماً أشعر بالتقصير تجاهها، فمهامها تجاه أسرتنا الصغيرة، كزوجة من ناحية وأخرى كأم، لا تتوقف وتستمر طوال الوقت، وهذه هي المهمة الأصعب، لذا في عيد الأم، كان لابد وأن تنعم بما تستحقه من رثاء، وأن تكون هي ملكتي المتوجة في يومها السنوي حتى بعد فراقها.

كانت «منار» زوجتى نعم الزوجة والأم الصالحة ونعم الحبيبة والصديقة الوفية، لقد تحملتنى ووقفت بجوارى كثيراً، فكنت أشعر حينها بفضل ربى علىّ بهذه النعمة التى أهداها لي، وكنا نعيش فى سعادة ودفء أسرى، وكنا أسرة متماسكة حباها الله بالحنان والحب.

كنت كثيراً ما أتوقف مع «منار» أمام وصف الله تعالى في القرآن الزوجة بـ«الصاحبة»، وذلك في قوله تعالى «وصاحبته وبنيه».. وكنا نؤمن أن الزوج للزوجة كـ«الصاحب للصاحبة»،فكلاهما كــ«الصديق للصديق»، وكنا نتعجب من هؤلاء الأزواج الذين يحملون بعض الأسرار والمشاعر، فيبخلون  بها على نسائهم بينما يخصون بها أصدقاءهم، وكذلك الزوجات مع صديقاتهن.

ولكن فجأة وبدون مقدمات قرر الله أن يمتحننا وسلب منا مصدر الحنان والتماسك والترابط داخل الأسرة واختارها، وكان فراقها صعبًا علينا فلا يزال رحيلها فاجعة أسكنت الألم بداخلي ومازالت دموعي تنهمر في كل يوم يأتي بدونها وفي كل ساعة أحتاجها أصرخ بالنداء ولا أجدها. تسعون يوماً مرت على رحيلك  يا حبيبتي ولا أقوى على استيعاب أنك لست معي وأحاول التأقلم على ذلك ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل، صدقيني:  بيتنا بدونك أصبح مقبرة واسعة للأحياء.

أتحدث مع كل ركن في بيتنا، وأنتظرك تردين علي لكنك لا تردين، طوال الوقت أقلب صورنا مع بعضنا طيلة ١٨ عاماً، وأشعر أنك تحدثينني من كل صورة وأتذكر كل حلو عشناه معاً ولا تفارقيني لحظة طول الوقت معيّ بقلبك الجميل وضحكتك الصافية التي أحلم بها وأراها في أحلامي وفي منامي، فقد كان قلبك كالجنة، رحلتِ لتخبريني أن الطيبين لا يدومون طويلاً فحياتي مؤلمة عندما أحتاجك ولا أجدك وحزن قلبي بوفاتك وبكيت عيني لفراقك ومازالت روحي تشتاق لكِ ولكن رضيت بقضاء الله وقدره، وسيظل لساني يهتف بالدعاء لكِ، فقيدتي النائمة في تلك المقابر غفر الله لكِ وأسكنك فسيح جناته... وكل عيد أم وأنتِ طيبة.