رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

فى ظلمة الليل تسللت ألف مرة، على أطراف أقدامى سرت، وعلى باب الغرفة الموارب وقفت، فركت عينى بقوة لأزيل «غمش» النعاس عسى أن أرى بوضوح.. تمنعنى العتمة، فاقترب أكثر فى حذر، أكتم أنفاسى، الرعب يؤرجحنى فأتمايل، لا أشعر براحة إلا حين أرى صدرها يعلو ويهبط بأنفاس الحياة، أكثر من مرة كانت تضطبتنى متلبسة بالجزع عليها.. بالخوف من فقدانها، فتبتسم لى ابتسامة طمأنة لا أنساها وهى تنهرنى فى حنان فريد وتهمس ووجهى يلاصق وجهها «خضتينى يا بنتى.. روحى نامى»، كانت كلماتى بطلب الوعد تحتبس بصدرى.. أمى.. عدينى ألا ترحلى.. أن تبقى خالدة أبداً خلود النهر والأهرامات.. كم كنت بلهاء حين اعتقدت أن قوتها التى أدارت بها حياتنا فى صلابة وبراعة.. كافية لأن تصرع بها ملك الموت فلا ينالها.. وأدركت متأخراً أنها كعود المسك كلما احترق فاح شذاه ليعطر حياتنا.. ولكنه فى لحظة اللا مفر.. يفنى.

صانعتى.. شمعتى التى أضاءت أهم سنوات حياتى حين كانت يمناك تهزنى فى المهد لأهدأ وأنام، كانت يسراك تهز العالم من حولى.. «حولنا» لتتساقط ثماره الجنية فى أفواهنا لنكبر ونقوى، كنت قوتى فى لحظات ضعفى، ابتسامتى فى أوقات حزنى، رجائى فى أزمنة يأسى، صخرتى التى حمتنى من زمجرة الحياة، شجرتى التى ظللتنى من الرمضاء، كم انحنيت لأسكب دموع ضعفي فوق صدرك، واستجدى نظرات الرضا من عينيكِ، فكنت تحتضنينى لامتصاص ضعفى، ثم تهزينى فى قوة هاتفة فى أذنى «واجهى مشاكلك بقوة لا استسلام».

أمى.. اطمنى.. لقد حملت كل جيناتك.. القوة والجرأة لمواجهة الظالمين، اللين والعطف مع المقهورين.. الصبر فى الشدة، وشجاعة المواجهة وأيضاً الاعتذار، علمتنى أن الخيل الأصيل ينهض سريعاً من عثرته وينفض التراب، ولا ينتظر أبداً نظرات الشفقة من حوله، وأن أفضل الموت.. موت الأشجار واقفة، وأن قوة الأفيال تتجسد فى اعتزال العالم عند المرض فلا يكل أو يشمت بها أحد، عزائى أنك موشومة فى خلايا جسدى.. لكنى أفتقدك كثيراً.. وتجتاحنى أعاصير اليتم حين تتكاثر الأيادى السوداء حولى.. تحاول اقتلاعى من قناعاتى أن الخير أقوى من الشر، حين تقابل تلك الأيادى عطائى بالجحود، وتتفنن لاستنزاف دمعى، فلا أجد سوى الجدار يحتضن حزنى، حين يحول من حاربت لأجلهم رايات النصر لرماح تطعن صدرى، حين يساومنى من أحببتهم على الحب، ويتقاضون الثمن مسبقاً، حين أشعر بالغربة فى دارى، وبالوحدة وحولى جموعهم، حينها أشتاق لعطائك الطوعى اللا محدود، وأتأكد لحظتها أنى صرت «يتيمة» فأشتاق إليك بكل قطرة من دمى.

 

هامش:

هل تعلمون أنى أنتظر هداياكم.. ليس باقة زهر مع عبارات حب الكترونية، ولا مكالمة «واتس» مطولة أو «فايبر» أو بالفيديو كول، لا أنتظر منكم زجاجات العطر ولا الأثواب والحقائب الأوروبية الفاخرة، أنتظر هديتكم..  شهاداتكم العلمية.. لتقول أوراقها أنى غرست ورويت، وأن سنوات العذاب والتضحية والسهر الطويل أثمرت.. فلا تنسوا الهدف، ولا تسقطوا فى غربتكم ما أرضعتكم.. الدين والأخلاق.. إذا أمهلنى القدر.. عودوا إلىّ بما انتظرت، وأن رحلت، زوروا قبرى واقرأوا علىّ ما حفظتكم إياه من آيات الله، وأخبرونى أنكم صرتم أشجاراً قوية يانعة.. عدونى أن تفعلوا.. هذه هديتى منكم أولادى.. باسل.. سامر.. هديل.. دمتم بألف خير.

[email protected]