رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

 

 

 

بعد أن انتهينا من أداء صلاة الجمعة بالمسجد الكبير..توجهت لشراء مستلزمات البيت كالعادة.. ففوجئت برجل يقف على عربة كارو..ويصيح بأعلى صوته كيلو الثوم باتنين جنيه ونصف!

بصراحة الرجل كان يبيع ثوما جيدا للغاية.. وبسعر قليل غير موجود في السوق!

تجمع الناس.. وتحلقوا حول الرجل.. هات عشرة كيلو ياحاج..هات عشرين كيلو يا حاج.. وكل واحد يفكر في شراء "خزين" السنة كلها من الثوم من هذا الرجل الطيب..والذي ارتضى لنفسه مكسباً قليلاً حلالا.. من أجل رضاء الله في عباده.. ومن أجل عيون الناس الغلابة!!

المهم كان بصحبتي ضابط شرطة متمرس في كشف الإجرام والمجرمين.. ففوجئت به يقول لي..على فكرة هذا الرجل يغش في الميزان!! استنكرت كلام صديقي وقلت له.. ياراجل حرام عليك.. كل حاجة تشكك فيها.. واضح ان طبيعة شغلك.. وعملك مع عتاة المجرمين أثرت على شخصيتك!!

فقال الضابط لي خلاص ياعم..الميه تكدب الغطاس..وأنا هوريك بنفسك!!

وانتظرنا حتى خف الزحام حول بائع الثوم.. وهنا نادي عليه الضابط.. بلهجة أمرة تعالي هنا يا حاج..فجاء الرجل وقال تؤمروا يا بهوات!!

فقال له الضابط وهو مرتد زيا مدنيا..أنا عايز خمسين كيلو توم!!

فرد الرجل تحت امرك يا باشا!!

فقال له صديقي.. بس أنا لي شرط واحد!!

فرد بائع الثوم اشرط يا باشا!!

فقال الضابط أنا ساشتري منك ..لكن هوزن هنا عند صاحب الدكان ده..يعني مش بميزانك !!

ففوجئت بالبائع يقول..لا آسف يا باشا!!

أنا ما عنديش توم للبيع!!

أنا شخصياً تخيلت ان الرجل غضب لكرامته.. ورفضا لتشكيك صديقي فيه!!

ولكني فوجئت بالبائع يقول..لو هتوزن بره.. الكيلو هيبقى باربعة جنيه..مش باتنين جنيه ونصف!!

وهنا ووسط ذهولي قلت له اشمعنا بقى!!

ففوجئت بأغرب إجابة من الرجل إذ قال لأنني بميزاني ابيع للزبون الكيلو ناقص ربع كيلو.. يعني العشرة كيلو ابيعهم حوالي سبعة كيلو!!

فقلت له بس ده حرام.. وما يرضيش ربنا !!

فقال يعني يرضي ربنا اخسر في البيع.. اشتري أنا التوم الكيلو بتلاته جنيه. .وابيعه للزبون باتنين جنيه ونص!!

واستطرد البائع.. أنا كده لما ببيع الكيلو باتنين جنيه ونص..الزبون بيبقى متراضي.. وأنا كمان متراضي.. وهو لايعلم انه يشتري الكيلو من التوم كيلو إلا ربع!!

الحقيقية أن الرجل كان يتكلم بثبات انفعالي.. منقطع النظير. .ويدافع عن قضيته.. وكأنه يمتلك الحق وحده.. فهو يبرر بكل بجاحه سرقة الزبون.. وكأنها باتت حقا مكتسبا له!!

فقلت له إذا لماذا تلجأ للحرام.. ولا تبيع الثوم بثمنه الحقيقي..والذي يحقق لك هامش ربح معقولا وهو أربعة جنيهات للكيلو ؟!

فرد الرجل بكل ثبات.. لو قلت للزبون الكيلو بأربعة جنيه.. لن يأتي أحد للشراء مني.. لكن لما قلت باتنين جنيه ونص.. اتلموا حولي زي النمل!!

الحقيقة تعجبت من منطق الرجل.. وتبريره للحرام وسرقة الزبون.. وكأنها باتت شيئاً عادياً لا غرابة فيه.. دون أن يفكر في جزاء الغشاشين.. والعقاب الإلهي لمن يغش في الميزان.. لدرجة أن الرسول الكريم قال «من غشنا فليس منا».. ومن قبله هدد قرآننا الكريم.. من يغش في الميزان بالويل والهلاك!! لكن كل ذلك لم يأت على ذهن الرجل.. وعدد من التجار علي شاكلته.. اذ يقومون برفع سعر سلعتهم..عن طريق تقليل وزن السلعة.. دون ان يشعر الزبون باي شيء.. فمثلاً يبيع له كيلو السكر.. بنفس السعر.. لكنه يقلل من الكمية مائة جرام او أكثر!!

وهو نفس المنطق الفاسد.. الذي برر به بائع الثوم جريمته..الزبون عايز كده!!

وهنا لابد وأن يكون للحكومة دورها.. بكل وزاراتها من تموين إلى داخلية الى زراعة الى صناعة.. فلابد من مراقبة الأسواق. .وضبط هؤلاء المجرمين.. وحماية المستهلك من جشعهم واستغلالهم وسرقتهم!!