رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وسط حالة الهرج والمرج التى يعيشها العالم الآن بين الحروب اللفظية بين بوتين ودونالد ترامب؛ يخشى الكثيرون من اندلاع حرب عالمية جديدة خاصة مع ما عرف عن ترامب من تهور؛ ولكن الواقع يقول غير ذلك؛ فالقرار السياسى الأمريكى الخارجى  يقع فى منطقة مدروسة بين دور الرئيس والكونجرس فى عملية صنع القرار الخارجى وآلية تعاطيهم مع الأزمات والمشكلات الدولية. والقرار الأمريكى يصدر بعد أن يمر بعملية مؤسسية طويلة، يؤثر عليه عبرها العديد من الأطراف، خاصة أن آليات صناعة القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية هى آليات دستورية تستند إلى آليات ثنائية فى النظام السياسى بين صلاحيات الرئيس وصلاحيات الكونجرس، وفق دستور التأسيس العام 1789 وتعديلاته العام 1992. وبالطبع هناك علاقة بين الكونجرس ومجمل سياسات الرؤساء الخارجية ومدى تجاوب الرؤساء الأمريكيين، وتعاونهم مع السلطة التشريعية فى عملية صنع السياسة الخارجية واتخاذ القرار السياسى الخارجى. وصلاحيات الرئيس فى الدستور التأسيسى وتعديلاته مقيّدة بصلاحيات الكونجرس فى غرفتيْ مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

وفى حقيقة الأمر فإن الكونجرس هو المؤسسة الدستورية الأولى المستمدّة من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؛ ومن المعروف أن الكونجرس لديه صلاحيات تقريرية موازية لصلاحيات الرئيس وإدارته؛ أهمها توفير سبل الدفاع المشترك وما يُطلق عليه الصالح العام، والموافقة على إعلان الحرب وتنظيم التجارة مع الدول الأجنبية، ووضع قوانين الإدارة وتنظيم القوات المسلّحة. وهناك محاولات من الكونجرس لاسترداد حقه القانونى فى إعلان حالة الحرب، أو فرض حالة السلم، وتجريد الرئيس دونالد ترامب منها، مع انتشار جنود الولايات المتحدة الأمريكية فى نحو 20 دولة على مستوى العالم، وبعضهم فى مناطق نزاعات خطرة. وهذا معناه أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تخوض أى حرب فى الخفاء، أو بعيداً عن رقابة الكونجرس، صاحب الحق الرئيسى. مع العلم أن البنتاجون يحصن نفسه وعملياته خارج الأراضى الأمريكية، بوجود قانون يجيز استخدام القوة العسكرية، تم إقراره فى شهر سبتمبر عام 2001، بعد اعتداءات 11 سبتمبر، وهو الذى منح 3 رؤساء الحق فى إطلاق حملات عسكرية عديدة، وأهمها فى أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا. وفى عام 2015، أراد الرئيس السابق باراك أوباما أن يدعم القانون القديم بآخر يجعل الحروب ضد الإرهابيين لها طابع رسمي، وتقدم بمشروع قانون بالفعل، ولكن نواب الحزب الجمهورى الذين كانوا يشكلون أغلبية الكونجرس فى ذلك الوقت تمكنوا من تعطيله ولم يناقشوه، كما أنهم فشلوا فى إلغاء قانون عام 2001 لأسباب عديدة.

وفى الواقع فإن الحديث عن العمليات العسكرية الأمريكية فى الخارج، عاد إلى أروقة الكونجرس من جديد، بعد مقتل 4 عناصر من القوات الأمريكية الخاصة فى النيجر، حيث تبنى مجموعة من النواب الجمهوريين والديمقراطيين، خطة للمطالبة بإعادة سلطة إعلان الحرب إلى الكونجرس مرة أخرى. وفى الحقيقة فإن العلاقة بين أهم مركزين لصناعة القرار فى أمريكا شائكة؛ وما يدور خلف الغرف المغلقة وبعيداً عن الأضواء مليئة بالأسرار والخفايا لتلك المنظومتين الحساستين حيث يصبح داخلها القرارات التى تغيّر وتؤثر فى عالمنا وتتلاعب به. ومع ذلك فإنه لولا وجود «كاريزما» شخصيات ما يُطلق عليهم وصف «الآباء المؤسسين» مثل جورج واشنطن وإبراهام لينكولن الذين حجزوا مواقع المكانة والنفوذ فى الرئاسة، لكانت السلطة للكونجرس فى نظام الحكم وكانت صلاحيات الرئيس شرفية.

ومع كل هذا لا نستطيع إنكار أثر أسطورة البطل الأمريكى رغما عنه ، والتى صنعتها الثقافة السياسية الأمريكية بشقيها القديم والحديث، وهى أكبر مثال حى على صياغة وصناعة القرارات السياسية الخارجية لكثير من الدول والشعوب، فهى من جعل من السياسة الخارجية القومية الأمريكية امتدادا لنظرة الأمريكيين إلى أنفسهم، وهى نفسها التى قدمت الشخصية الأمريكية كما لو كانت الإفراز الطبيعى لأسطورة الأمة، ومنها تسويغ الأسطورة كعملية تثقيفية لتبرير المساعى التوسعية والإمبريالية لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية حتى الآن.