رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

فى العشرين من مارس الجارى، يلتقى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، فى زيارة استثنائية، تكتسب أهمية كبيرة؛ كونها الأولى للأمير، منذ أن تولى مهمة الرجل الثانى فى المملكة، ولأنها تأتى بعد زيارته لمصر وبريطانيا، وتستبق زيارة أخرى مهمة لتميم أمير قطر ومحمد بن زايد ولى عهد الإمارات.

الناس يتساءلون.. ماذا وراء هذه الزيارات؟ ولماذا الآن؟ وفى هذا الوقت بالذات؟ الذى يتزامن مع توجه مسئولين كبار من مصر والإمارات والبحرين وقطر والسعودية إلى تل أبيب؟ هل هى مجرد زيارات بروتوكولية عادية، لدعم العلاقات الثنائية مع أمريكا أقوى دولة فى العالم، وبحث مجمل الأوضاع فى المنطقة؟! أم وراءها سر لم تتضح خيوطه بعد؟

الإعلام الإسرائيلى بخبثه ودهائه، يزعم أن هناك ترتيبات جديدة فى المنطقة، تبدأ بمشاركة إسرائيل فى مشروع نيوم السعودى، الذى أطلقه بن سالمان بتكلفة 500 مليون دولار، وحسب صحيفة جيروزاليم بوست، فإن مسئولين سعوديين وإسرائيليين التقوا لبحث كيفية مشاركة تل أبيب فى هذا المشروع العالمى الضخم.

وبغض النظر عن صحة هذا اللقاء من عدمه، فإن الأخطر، ما زعمته الصحيفة نفسها بأن المنطقة تستعد لتنفيذ (صفقة القرن) التى يمهد أرضيتها ترامب، ومستشاره لسلام الشرق الأوسط، صهره «جاريد كوشنر»، بدعم من بريطانيا، وحلفاء واشنطن فى أوروبا لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى، بخطة جديدة يرتب لإعلانها.

والصفقة التى وعد بها ترامب صديقه نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، حسب الصحيفة الصهيونية، تنسف حل الدولتين تماماً، وتضع قطاع غزه بديلاً رئيسياً لقضية العرب الأولى (فلسطين المغتصبة).

وتعتمد الصفقة، التى يسعى لفرضها أمراً واقعاً «جيسون جرينبلات» مبعوث ترامب فى المفاوضات الدولية، على ضم قطاع غزة للسيادة المصرية، مع منح مصر مساحات كبيرة فى صحراء النقب، التى تستحوذ عليها إسرائيل مقابل إطلاق يد الأخيرة فى وادى الأردن، وبالتالى عدم تفكيك مستوطنات الضفة الغربية، التى سيعود الأردن لحكم أجزاء منها، مع منح الجنسية الإسرائيلية للعرب الفلسطينيين فى المنطقة (ج)، الخاضعة لسلطة إسرائيل وفقاً لاتفاقية أوسلو، ويسكن 96% منها يهود، و4% فقط عرب.

هكذا يروج الإعلام الإسرائيلى لصفقة من خيال بنى صهيون، ولا يترك أى مناسبة يزور فيها زعيم عربى أو مسئولون عرب واشنطن، إلا ويزج بقطاع غزة إلى واجهة الأحداث، ويدفع به إلى طاولة المباحثات العربية الأمريكية، مستغلاً إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وانحيازه الواضح على حساب الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين.

 ويسعى الإعلام الخبيث، وخاصة القناة العاشرة الإسرائيلية، إلى تصوير القادة العرب على أنهم يناقشون حالياً هذه الصفقة، زاعماً أن مباحثات سرية إسرائيلية مصرية سعودية تجرى حالياً لتحديد شروط وضوابط ونتائج (صفقة القرن) كما يدعى.

الغريب أن الإعلام الصهيونى ينسى فى خضم حملته لتبرير وتمرير الصفقة، أنها لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، فليس بعد كل هذا الذى قدمته مصر والعرب من أجل فلسطين يرتضون بهذا الحل الهزيل، ولا يمكن لـ«السيسى» و«بن سلمان» أن يتورطا فى هذه الصفقة المزعومة، مهما كان الثمن، فمصر والسعودية وجميع الدول العربية لن ترضى إلا بحل الدولتين، ولا يمكن أن تقبل مصر بضم غزة إليها وبقايا الضفة الغربية إلى الأردن، لأن ذلك يعنى ببساطة، خسارة كل الحروب التى خضناها لاسترداد الحقوق الفلسطينية المغتصبة. ويعنى ذلك أيضًا القبول بحماس الإرهابية جزءاً من الدولة المصرية.. وهذا من سابع المستحيلات، والدليل تلك الحرب الغاشمة التى يقودها الجيش المصرى على فلول الإرهاب فى سيناء، ويسقط فيها العشرات من الشهداء المصريين فوق تراب جزء عزيز وغالٍ من الوطن، كان يريده الإخوان جزءاً من صفقة وخطة أمريكية إسرائيلية؛ تستهدف تفريغ القضية الفلسطينية، بنقل الفلسطينيين إلى أرض الفيروز، وهى الخطة التى أجهضها الرئيس السيسى بثورة 30 يونيو، وإصراره على تطهير سيناء والوطن من جماعات أهل الشر، والذين تحاول إسرائيل وحلفاؤها استغلالهم لتنفيذ المخطط الصهيوأمريكى بجر مصر إلى صفقة لن تتم ولو صار المائة مليون مصرى جميعا شهداء.

أقول للإعلام الصهيونى، بئس ما تروجون له من خيال ووهم، وإن كنتم تعتقدون أن «ترامب» بإدارته الجديدة منحكم صك الأمان فى القدس، ووعدكم بتخليصكم من صداع غزة، وتصديره إلى القاهرة، فإنه لن يستطيع إقناع أكبر قوتين عربيتين (مصر والسعودية) بهذه الصفقة الكارثية.

وأقول للذين يركضون خلف الشائعات، والأكاذيب، ولكل أنصار قوى الشر، ربما يزور محمد بن سلمان واشنطن لأشياء وأهداف أخرى مختلفة، من بينها الخروج بحل للأزمة القطرية، وليس لبحث هذه الصفقة الوهمية.

أما عن شائعات الاجتماعات السرية المصرية السعودية الإسرائيلية فى القاهرة، فهى مقصودة فى مثل هذه المناسبات، ويروج لها دائماً، للتأثير على الدور المصرى والسعودى فى الشرق الأوسط.

إن مصر يا سادة.. لن تكون جزءاً من صفقة فاسدة، ولن تقبل بها مهما كان الثمن، ولو تأملتم للحظة واحدة، كلمات أمهات وآباء وأبناء شهداء مصر فى سيناء، سترون فى عيونهم دموع النصر، والاستعداد دائماً لتقديم المزيد من التضحيات والدماء، لتبقى سيناء مصرية خالصة، وتبقى غزة وكل شبر من الأرض المحتلة للفلسطينيين.

[email protected] com