رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

يستطرد فريدمان قائلاً:

ولاحظ بالمرستون ملاحظة شهيرة وهى أنه فى العلاقات الدولية لا يوجد أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون وإنما مصالح دائمة، وفى الفوضى العالمية الجديدة وما بها من وطنية أنانية فإن تغيير التحالفات والحلفاء يبدو صوابًا حتى ولو كانت المصالح القومية تدور بوضوح لتعكس تغيرات أساسية فى محتواها الدولى، إن مرونة بالمرستون السياسية تذكرنا بأن المرونة جزء من الالتزامات الضرورية للتعايش، ما يجعل الالتزام بالاتفاق محدودًا بحدود الاحتمالات المتاحة التى لا تترك مجالاً لالتزامات عريضة يتبادل المساعدة، وبوسيلة أو أخرى فإن من صالحنا أن نضم قوة الآخرين لوقتنا مع تقليل المخاطرة بالنسبة لنا.

حتى يمكن التأقلم مع العالم بعد مرحلة السلام الأمريكى الحالية واعتبار مصلحة أمريكا أولاً فإن علينا نحن الأمريكيين أن نتعلم من جديد العبارات الكلاسيكية للدبلوماسية أو نسخة واقعية منها، فإذا فعلنا ذلك سنكتشف أنه فى المعنى التقليدى للعبارة فإننا ليس لدينا حلفاء حاليًا فى الشرق الأوسط فالدولة الوحيدة التى لدينا معها تحالف قانونى مبنى على التزامات متبادلة وها هى تركيا قد غادرت التحالف معنا فى الواقع، فأنقرة اليوم مع واشنطن متباعدتان لدرجة خطيرة، فتركيا لم تعد متحالفة مع أمريكا بالنسبة لأى من أهدافنا الدبلوماسية الكبرى فى المنطقة، وهى ضمان أمن إسرائيل وعزل النفوذ الروسى والوقوف فى وجه إيران والحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع السعودية ودولة الإمارات العربية، لا تستطيع الاعتماد على تركيا فى تأييد سياستنا بالنسبة لموضوع الخلاف الفلسطينى الإسرائيلى أو سياستنا فى سوريا والعراق وإيران وروسيا والقوقاز والبلقان واليونان ومصر وقبرص ودول مجلس التعاون الخليجى أو أعضاء منظمة التعاون الإسلامى وحلف الناتو أو الاتحاد الأوروبى.

فعندما رفضت الدول الأوروبية منح عضويتها لتركيا تخلت تركيا عن سياستها للقرنين الماضيين فى أن تصبح دولة أوروبية فهى تتبع حاليًا سياسة مستقلة وإن كانت مرتبكة مع دول الإمبراطورية العثمانية السابقة ومع روسيا والصين ويمثل تدهور العلاقة بين تركيا وكل من الاتحاد الأوروبى وأمريكا إضعافاً كبيراً لنفوذ الغرب فى الشرق الأوسط والمنطقة المجاورة له، وكما توحى سلسلة الدولة التى تؤثر تركيا فيها فإن ذلك له نتائج ضخمة محتملة.

وفى هذه الأثناء فإن العلاقة بين أمريكا وإيران تبقى متوترة، ففضائح السياسة الأمريكية الفاشلة مثل زعزعة استقرار سوريا والعراق سهلت لإيران إنشاء منطقة نفوذ فى الهلال الخصيب ونقص علاقات العمل بيننا وبين إيران يجعل أمريكا عاجزة عن استخدام نفوذنا دون اللجوء للحرب، ولذلك فسياسة أمريكا عسكرية فقط طول الوقت، ويردد البيت الأبيض سياسات مصنوعة فى إسرائيل والرياض وأبوظبى ولم تعد أمريكا قادرة على وضع السياسة التى تخدم أهدافها وتدفع الآخرين للسير وراءها.

ولأسبابنا الخاصة التى تختلف من دولة لدولة فإن الأمريكيين قد أخذوا بقرار منفرد عدة دول كتوابع لها تحميها تحت جناحها، وبعض هذه الدول أعداء تاريخيون لبعضهم البعض، ولم تتغير التزاماتنا رغم حقيقة أن المحتوى الإقليمى للدول التابعة لنا وتوجهاتها وأنشطتها تتعرض لتطورات سريعة بخلاف أن تركيا لم تعد لأمريكا حليفة فى الشرق الأوسط، وهى حليف رأى فى نفسه أنه ملتزم بمساعدتنا أو عمل أى شىء لنا إلا ما يخدم مصالحها المباشرة، فالالتزامات تسير فى طريق واحدة، منا إليهم.

ونقف عند هذه الفقرة حتى الحلقة التالية.

 

الرئيس الشرفى لحزب الوفد