عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

على مدار عدة مقالات كتبت هنا فى «الوفد» أؤكد على الدعوة إلى تعمير وتنمية سيناء، الأمر الذى تزايد الاهتمام الرسمى به خلال الفترة الماضية، وإن أشرت فى المقال الأخير الخميس الماضى من واقع متابعتى للموضوع وشغله لجزء من اهتمامى إلى بعض الملاحظات التى تعرقل هذه العملية. كنت أخشى بينى وبين نفسى أن أكون متحاملا أو أن تكون بعض الحقائق غائبة عنى، غير أن مقالا للكاتب الكبير فاروق جويدة فى أهرام 10 مارس، تضمن ردًا لرئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزورى، أكد لى على الأقل أن هناك أساسًا حقيقيًا لما أشعر به وأحذر منه.

وقد أشار جويدة فى مقاله عن حق إلى المعضلة الأساسية، والتى كتب هو عنها من قبل، ومثلت محور ما كتبت وتتمثل فى القيام بمشروعات وعدم اكتمالها وهو ما يمثل فى التحليل النهائى هدرًا لمال عام، وكان كلامه نصًا عن «مشروعات تنمية سيناء التى لم تكتمل وأهملناها كثيرا حتى سكنتها خفافيش الإرهاب»، وهو ما يقابل ما أشرت إليه من مساكن ينعق فيها البوم!

غير أن الأهم من وجهة نظرى، مع كل التقدير لجويدة، شهادة الجنزورى والتى تستمد أهميتها من المنصب الذى شغله خلال حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك والأهمية التى كانت تعول على العديد من المشروعات التى تم البدء بها خلال توليه هذا المنصب ومن بينها وأهمها مشروع توشكى الذى آل مصيره إلى قدر غير محدود من الفشل! وهو أمر أشرنا أيضا له فى المقال الأخير كنموذج.

من هذه الشهادة يمكن للمرء أن يتبين ويستنتج أن الفريضة الغائبة عن التنمية فى سيناء ليست القدرة على التعمير وإنما إرادة التعمير.. فمشكلتنا ليست تنفيذ مشروعات تحقق هدف تنمية سيناء، وإنما الحفاظ على هذه المشروعات والوصول بها إلى غايتها أو مراحلها الأخيرة.

كلام الجنزورى موجع ومؤلم، ويزداد الشعور بوطأته لو تصورنا أنه منهج عام للعمل فى مصر الرسمى وغير الرسمى، وقد أشار الرجل إلى مشروعات بدأت ولم يتم مواصلة العمل على تنفيذها كان من المتصور أن تحدث نقلة نوعية إن لم نقل ثورة فى تنمية سيناء، وهى ترعة السلام وتوصيل مياه النيل حيث يشير إلى أنه مشروع توقف وتحولت الترعة إلى تربية الأسماك رغم أن المشروع كان يهدف إلى زراعة 500 ألف فدان.

ويأبى الجنزورى فى رده على جويدة إلا أن يصيب قارئه بالحسرة حين يشير إلى أن القناة امتدت 70 كيلو مترا ثم توقفت! كيف؟ ولماذا؟ لا يوضح لنا الجنزورى إما لأن الحيز لا يسمح أو لأسباب تدخل فى نطاق علمه هو!

ليس ذلك فقط بل يشير الجنزورى إلى مشروع بالغ الأهمية التهم جانبًا كبيرًا من ميزانية التنمية فى سيناء وتبخر فى الهواء وهو مشروع السكة الحديد الذى بدأ تنفيذه، كما يذكر، وتوقف «وتعرضت قضبانه للسرقة».. معقول!!

من بين النقاط المهمة التى يشير إليها الرجل، وتطرقت لها فى معرض تناولى للموضوع أن تنمية سيناء لم تغب عن فكر الكثيرين من أصحاب القرار، وهو أمر يحمد للقائمين على الحكم على مدى عقود ماضية. غير أن الملحوظة التى يشير إليها الجنزورى وتدعونا للتأمل ومراجعة مسيرة التنمية فى سيناء هي تأكيده على أنه «كانت هناك أشياء خفية أرى أنها كانت وراء وقف الكثير من المشروعات بعد البدء فى تنفيذها» وهو ما أشرنا إليه فى المقال الأخير عن تنمية سيناء بنبرة ساخرة عن وجود ما وصفناه بـ «بودرة العفريت» التى تقف حائلا دون تحقيق هدف تعمير هذه البقعة الغالية على كل مصرى ومصرية.

من أهم النقاط والتى تمثل خلاصة الموضوع حديث الجنزورى عن أنه كان من المستهدف انتقال ثلاثة ملايين مواطن من الوادى إلى سيناء، كان ذلك فى التسعينيات، فيما أن عدد سكان سيناء، الآن بعد نحو أكثر من عشرين عاما، كما أشرت فى مقالى، لا يتجاوز 600 ألف نسمة.

وعلى ذلك أعود لأكرر مرة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة: قل لى كم عدد السكان الذى وصلنا إليه فى سيناء أقل لك هل حققنا تنمية أم لا؟ فذلك هو المحك الأول والثانى والثالث.. والأخير!!! بدون ذلك فإن التنمية والعدم سواء!

[email protected]