رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

 

 

 

صحيح لدينا مشكلة في استخدامات المياه، لكن المواجهة لن تكون أبداً بمنع غسيل السيارات وتجريمه، وكان من الأوْلى أنْ تنظر الحكومة بعمق في الأسباب الحقيقية للمشكلة، ولو نظرنا معًا في أرقام موارد المياه واستهلاكاتها، وفقاً لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، لعلمت أنَّ استهلاك المياه في غسيل السيارات - وهو ضروري- لا يُمثِّل نسبة مؤثرة في المشكلة، فإجمالي مواردنا المائية سنوياً 76٫3 مليار متر مكعب من المياه، منها 55٫5 مليار من النيل، والباقي من الخزان الجوفي، وتدوير مياه الصرف، وتحلية مياه البحر.. وقطاع الزراعة وحده يستهلك 62٫15 مليار متر مكعب، تُمثِّل 82٫22٪ من حجم الاستهلاك.. وإذا طورنا أنظمة الري القديمة لوفرنا أكثر من 30 مليار متر مكعب في السنة الواحدة، وساعتها لن يُقلقنا أو يُزعجنا «سد النهضة» أو أي سد آخر.. وتكشف أرقام جهاز الإحصاء أن استهلاكنا من المياه في الأغراض المنزلية والشُرب 10٫4 مليار متر مكعب، لا تمثل أكثر من 14٪ فقط من جملة الإيرادات، ويضيع هباءً من مياه الشرب 3٫3 مليار متر مكعب بنسبة 31٫5٪، بسبب التسرب في شبكة مواسير المياه وتآكلها، ولو اهتمت الحكومة بصيانتها لوفرنا هذه المليارات المهدرة... ولو أنَّ الحكومة اهتمت أيضاً بصيانة دورات المياه في مبانيها ودواوينها، وأوقفت إهدار المياه والتسرب في «مباول» وصناديق الطرد في دورات المياه لوفرت كثيراً، ولو أعادت الحكومة مد شبكات المياه غير المعالجة «العكرة» لوفرت أكثر في استخدام مياه الشرب في ري الحدائق والزراعات وغسيل السيارات. وقد تعجبت وأدهشني مواجهة بعض المحافظين للمشكلة بغلق محطات غسيل السيارات، وفرض غرامات على من يغسل سيارة في الشارع، بدلاً من اهتمامهم بصيانة شبكات المياه ووقف التسرب- على الأقل- في دورات المياه في دواوين محافظاتهم، وأضحكني تصريح لمحافظ العاصمة يصدر تعليماته الصارمة لرؤساء الأحياء بوقف رش الشوارع بالمياه، وكأنَّ سيارات رش الشوارع تجوب شوارع القاهرة كما يتوهم سيادته، ولو أنَّه اهتم بنظافة الشوارع القذرة لكان خيراً له ولنا من هذه التصريحات الجوفاء.

باختصار.. مواجهة الحكومة لمشكلة الإسراف في استخدامات المياه، هي مواجهة سطحية وغير مُجدية، وكان عليها أنْ تبدأ بحملة توعية «جادة»، يسبقها إصلاح الخلل الحكومي في مواجهة إهدار المياه في قطاع الزراعة، والتسرب في شبكات مياه الشرب في جميع المحافظات.. ولكي نصدق الحكومة فلا بد وأن تكون قدوة ومثلًا، بعد أنْ أصبحنا في دولة مُسرِفة تدعو إلى التوفير!!

[email protected]