رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

 

 

 

في إطار الحديث عن تنمية وتعمير سيناء والذي تناولته على مدى الأسبوعين الماضيين أشير إلى أن تقريراً في صحيفة «الأخبار» كشف لي عن أن اتجاه الدولة في هذا الصدد سياسة قائمة على أرض الواقع وليست فقط مجرد خطط تزمع تنفيذها، وقد تضمن التقرير مشروعات تنموية حقيقية على كل الأصعدة بمليارات الجنيهات وفي مختلف المجالات كفيلة– حسبما نشرت– بإحداث نقلة نوعية كبرى تضمن دفع عجلة الاقتصاد القومي إلى الأمام وتوفير الملايين من فرص العمل أمام الشباب وتنمية ودعم هذه البقعة الغالية من أرض مصر.

التفاصيل تصيبك بالدهشة من حجم الإنجاز الذي يجري على الأرض ويدعوك للفخر بأن هناك جهوداً تبذل في هدوء من أجل تحقيق هدف عجز المصريون على مدى عقود عن تحقيقه وهو تعمير سيناء.

المساحة تقصر عن التعرض بالتفصيل لِما تم، وعندما تجمع ما تم إنفاقه في تقرير الأخبار تجده يقترب من الـ175 مليار جنيه تم إنفاق الجزء الأكبر منها وجاري إنفاق الباقي على استكمال المشروعات المزمع تنفيذها وتأتي ضمن خطة تنمية سيناء، غير أن القضية الأهم من وجهة نظري تتمثل في الحجم الحقيقي للسكان الذي يمكن أن تستوعبه سيناء على وقع هذه المشروعات التنموية، وهو ما لم يوضح التقرير المنشور في الأخبار آليات تحقيقه، ذلك أن عدد سكان سيناء لا يتجاوز الآن وحسب إحصاءات رسمية 615 ألف نسمة منهم 445 ألفًا في شمال سيناء و170 ألفًا في الجنوب، ومن المتصور أن الدولة لا يمكن أن تنفق كل هذا المبلغ في وقت تمر فيه بضائقة اقتصادية سوى من أجل تنمية حقيقية تعود بالفائدة على كافة المستويات على الدولة، والانطباع الأولى الذي يمكن للمرء أن يخرج به أن هناك حالة من عدم التناسب بين ما تم إنفاقه وبين الحجم الفعلي للسكان، ما يعني أن هناك خطة لاستجلاب سكان لسيناء، من أجل تحقيق هدف تعميرها.

هذا هو البُعد المفقود في خطة تنمية سيناء، لا شك أن رشادة الدولة تجعلنا مطمئنين إلى أن الأمور تسير وستسير على ما يرام، غير أنه في بعض الأحيان ولأسباب مختلفة قد لا تمضى الأمور على هذا النحو، وخذ مثلاً على ذلك مشروع توشكى والذي أنفقت فيه الدولة المليارات ثم لم تجن منه ما أشاعت الآمال بتحقيقه على مدى نحو أكثر من 20 عاماً، وعلى سبيل المثال فإن عدم شغل الوحدات السكنية المشار إليها في سيناء والتي تقدر حسب المعلن بنحو 81 ألف وحدة قد يحولها إلى خرابات ينعق فيها البوم، فضلاً عن تآكلها وتقادمها بما يتطلب موارد مالية جديدة لإعادتها لحالتها الأصلية.

خذ مثلاً آخر وهو كوبري السلام والذي تم إنشاؤه منذ سنوات وكان من المفترض أن يساهم في تعزيز ربط سيناء بباقي مصر، ولم يحقق الغرض منه، لأسباب تقدرها الدولة وقد تكون استثنائية، غير أن هذا الأمر يعزز وجود محاذير تفرض ما يمكن وصفه بضرورة تلازم مساري التنمية ممثلة في المشروعات المختلفة التي يتم إقامتها مع النمو البشري في سيناء، يجب أن يكون واضحاً حجم المستهدف من التنمية السكانية في سيناء 4 ملايين أم 6 ملايين مثلاً وعدد السنوات التي يمكن الوصول خلالها إلى هذا الحجم، ما يطرح ويعزز هذه التساؤلات أن زرع سيناء بالبشر للأسف يبدو– وهذا مجرد انطباع لا دليل ملموس عليه– وكأنه يتم بالسالب بفعل الأوضاع غير المستقرة التي يواجهها السكان هناك، حتى أن المرء ليشعر في بعض الأحيان وكأن هناك ما يمكن وصفه بـ«بودرة عفريت» تدفع الناس للهجرة، وليس الاستقرار.

الآمال المعلقة على الدولة في هذه المرحلة كبيرة، والجهود التي تبذل ضخمة، ولا يملك المرء إلا الدعاء إلى الله بألا يخذلنا حتى لا نكون كالعائشين في الأوهام!

[email protected]