رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صكوك

 

مر ربع قرن على عملي بالصحافة و لم أشعر.. تلك الأيام بعسلها ومرها وضعت بصمة ومحطات لا تنسى.. كانت البداية من صفحة الحوادث والقضايا في ثلاث محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية حتى أني أتذكر أنني مررت على معظم مواقع الجريمة والمحاكم ولم أترك منطقة إلا وغطيت الجرائم والحوادث والقضايا فيها.

ومن أكثر الجرائم التي تركت بصمة في نفسي هذا الفتى المراهق بالقليوبية الذي قتل شقيقته وأخاه الصغير وتسبب في وفاة والده ووالدته بالحسرة وقمت معه بحوار.. وقتها أطلقت عليها قضية المفتاح.. وقد كان سبب الجريمة مفتاح الشقة وتربية الأبناء على الخوف والرهبة وهو بالطبع خوفاً على الأبناء حتى أن ابنهما طالب الثانوي المراهق فقد الثقة في النفس وبدأت معايرة زملائه له بأنه يخشى والديه ويفتقد الرجولة حتى أن والده لا يعطيه مفتاح الشقة لأنه مازال طفلًا صغيرًا.

وبالفعل تحرك الفتى وحصل على مفتاح الشقة مغافلاً والديه، والأب والأم كانا موظفين إلا أن أصدقاء المدرسة لم يصدقوا واتهموه بالكذب وأن هذا المفتاح ليس مفتاح الشقة، وأراد أن يثبت صدقه  فخرج من المدرسة أثناء وقت الدراسة متجهاً لبيته لتغيير ملابسه  وكانت مفاجأة له، حيث فوجيء أن شقيقه الأصغر لم يذهب إلى المدرسة وشقيقته الأكبر لم تذهب هي الأخرى إلى الجامعة.

وبمنتهى البراءة صرخ شقيقه الأصغر مهدداً بأنه سوف يقول لوالده عن هروب الفتى من المدرسة فقام بإغلاق فمه بالقوة إلا أن الصغير لم يتحمل وأصيب بإغماء وخرجت الفتاة من الحمام فصرخت هي الأخرى ظناً أن شقيقها قتل الأصغر فقام بالفعل بالتوجه إلى المطبخ وطعن شقيقته طعنات حتى فارقت الحياة ، لحظات واستيقظ الطفل الصغير من الإغماء فقام بطعنه حتى فارق الحياة ثم قام بالتوجه إلى المدرسة بعد أن أخفى آثار الجريمة تماماً كمجرم محترف وتوجه إلى المدرسة لإكمال يومه الدراسي وكأن شيئًا لم يحدث، واحتار رجال المباحث في الجريمة وأصيب الأب والأم بأزمات صحية واعترف الابن دون أن يكون في دائرة الاشتباه تماماً وكانت صدمة لرجال البحث الجنائي.

جلست مع المتهم في حوار وكنت الوحيد من قام معه بالحوار.. كان صلباً متماسكاً تماماً لم يضعه رجال البحث الجنائي في الحجز بل كان يجلس معهم ويتحرك داخل نقطة الشرطة بحرية ويشاهد مباراة الأهلي والإسماعيلي.

كان من أصعب الحوارات فقد كان يتهرب من الحديث حول تفاصيل الجريمة وكان مصيره مؤسسة الأحداث.. التربية على الخوف وعدم مصادقة الأبناء كارثية لا تجني سوى الشقاء.