لا يختلف اثنان.. أن سكك حديد مصر تعانى من إهمال جسيم يؤدى لكوارث.. وهذا الإهمال ليس جديداً.. ولكنه يثار عقب كل حادث يسفر عن سقوط ضحايا.. ولم يكن غريباً أن يشن بعض أعضاء مجلس النواب هجوماً عنيفاً على الحكومة ووزير النقل عقب حادث قطارى البحيرة.. ويؤكد رئيس المجلس الدكتور على عبدالعال أن هذا الحادث لن يكون الأخير بسبب تهالك هذا المرفق واحتياجه للتطوير.. لذلك وافق مجلس النواب على قانون إشراك القطاع الخاص فى إنشاء مرافق السكك الحديدية وإدارتها وتشغيلها وصيانتها.. حتى يمكن تقديم خدمة أفضل للناس وتلافى الحوادث والكوارث لحماية أرواح الناس.. ولكن ما يحزن المرء أن بعض نواب الشعب يعارضون إشراك القطاع الخاص بلا منطق وكأن القطاع الخاص «بعبع» يثير الخوف والفزع وأن مجرد إشراكه فى منظومة للإصلاح هو خصخصة وبيع لأملاك الدولة.. وما يثير الدهشة أن المعارضين من هؤلاء يهاجمون أيضاً الاقتراض للتطوير.. فهم يريدون إصلاحا وتطويرا بلا قروض أو مشاركة القطاع الخاص.. باختصار يريد هؤلاء أن نستنزف أموال الدولة ونهدرها على مرفق ينخر الإهمال فى جسده.. ويأكله الفساد الذى يستفيد منه قلة على حساب الشعب.
عندما يعلن وزير النقل الدكتور هشام عرفات أن هناك 900 عربة قطار مطورة لم يتم تطويرها بالمعنى المطلوب ولكن يتم طلاؤها فقط ثم تعود للخدمة.. أليس هذا فسادا واضحا؟
فالوزير اعترف بوجود مشكلات كثيرة فى السكة الحديد.. وأنها ليست وليدة الآن..
فى الحقيقة لا توجد عمليات صيانة أو متابعة للسكة الحديد.. والأمر يمثل مشكلة شديدة الخطورة.. تهدد أرواح البشر الذين يستخدمون يوميا القطارات.. المواجهة الحقيقية.. لإصلاح وتطوير السكة الحديد ضرورة حتمية لأن حوادث هذا المرفق فى مصر تعد أعلى معدل فى العالم رغم أن سكك حديد مصر هى ثانى أقدم شبكة سكة حديد فى العالم.. فالتطوير بصراحة يحتاج لدخول القطاع الخاص بعد الفشل المستمر فى إدارة القطاع العام وحده.. والإخفاق فى عمليات التطوير واستمرار مسلسل حصد الأرواح ونزيف الدماء على القضبان.. بسبب الإهمال والافتقار لمعدلات الأمان.
فى الحقيقة.. لم تعد القطارات فى بلدنا آمنة.. بسبب سوء المزلقانات والإهمال فى الصيانة.. والأخطاء البشرية المتكررة.. فأصبحت فى نظر الكثير من المواطنين مجرد ناقلات للموت.
أعتقد أن مشاركة القطاع الخاص لتطوير هذا المرفق المتهالك.. ضرورة حتمية.. ويجب على الألسنة التى تحارب الإصلاح بدعوى الخوف من القطاع الخاص أن تصمت.. لأن اللصوص كثر فى القطاع العام.. وكل يوم يسقط فاسدون.