رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما بين الحين والآخر يبرز على الساحة حوار حول العلاقات المشبوهة بين إنجلترا وجماعة الإخوان المسلمين؛ وهى حقيقة لم تظهرها الأحداث الجلية الواضحة رؤية العين ولكن الوثائق البريطانية السرية أيضًا؛ ولعل الكاتب والصحفى البريطانى «مارك كيتس» من أكثر العاملين على هذا الملف وعلاقة الإخوان المسلمين بالمخابرات البريطانية منذ أول اتصال بين الإخوان والإنجليز وكان فى عام 1941 وهو العام الذى ألقى فيه القبض على حسن البنا مؤسس الجماعة؛ ولكن مع إطلاق سراحه سعت بريطانيا للاتصال بجماعته عارضة على الإخوان تمويلا ماليا مقابل تأييدهم بريطانيا.

وبحلول عام 1942 أصبح من المؤكد أن بريطانيا تمول الجماعة وفى يونيو عام 1952 صدر تقرير عن الخارجية البريطانية تحت عنوان «مشكلة القومية» رصد مخاطر المد القومى على المصالح البريطانية، وبعد شهر من صدور هذا التقرير اندلعت ثورة يوليو مشكلة تهديدا لبريطانيا، وقد وصفت الخارجية البريطانية سياسة عبدالناصر حينذاك بفيروس القومية العربية، وبالتالى تم استغلال العناصر الدينية متمثلة فى الإخوان المسلمين للقضاء عليه؛ وقلب نظام الحكم فى مصر؛ لذلك لم يكن غريبا القبض على دائرة جاسوسية بريطانية متصلة بعناصر طلابية دينية للتشجيع على القيام بأعمال تخريبية تمنح أوروبا مبررًا للتدخل العسكرى لحماية رعاياها. ولعل كتابه 'العلاقات السرية التحالف البريطانى مع الإسلام السلفى الأكثر أهمية لإشارته لوجود وثائق غير مسموح بها لحماية شخصيات قيادية تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين لا تزال تلعب دورًا مؤثرًا على المسرح السياسى.

وهناك وثائق بريطانية سرية عن اجتماع مع أحد مستشارى الهضيبى؛ رغم تلقى الإخوان حينذاك رشاوى ضخمة من الحكومة المصرية من أجل عدم إجرائهم أعمال عنف ضد النظام.! وتشير مذكرة رسمية إلى أنها هى التى أبلغت عبدالناصر بلقاءات الهضيبى معها. وتتضمن الملفات البريطانية أيضًا إشارة لحدوث لقاءات بين الإنجليز وقيادات إخوانية فى 7 فبراير عام 1953، وفيها أبلغ شخص يدعى أبورقيق المستشار السياسى تريفور إيفانز رسالة مفادها 'إذا بحثت مصر فى العالم بأجمعه عن صديق لها لن تعثر على صديق سوى بريطانيا'، وهى رسالة اعتبرتها السفارة البريطانية بمثابة إعلان عن وجود قادة داخل الإخوان لديهم الاستعداد للتعاون مع بلادها.

والغريب أنه بعد فشل محاولة اغتيال عبدالناصر قال سفير بريطانيا فى القاهرة سير رالف سيفنسون بأن القادة الجدد فى مصر يستحقون مساعدة جادة من بريطانيا العظمى، لكن بعد 9 أشهر من تلك الشهادة قررت بريطانيا وفق وثائقها التخلص من عبدالناصر. والعديد من الوثائق تؤكد ضلوع المخابرات البريطانية فى محاولات قتل عبدالناصر والقضاء على نظامه ويشير بعضها إلى اتصال بين مسئولين بريطانيين ومنهم نورمان داربيشير، رئيس مكتب المخابرات البريطانية، فى جينف مع الإخوان المسلمين فى سويسرا فى إطار محاولات قلب نظام الحكم فى مصر.

وعلى الرغم من تعاون بريطانيا مع الإخوان المسلمين، فإنها كانت مدركة لخطورة الجماعة وخطورة وصولها للحكم فى مصر ولهذا فهى كانت لا تمانع فى استغلالها لتحقيق أهدافها فى المنطقة لكنها بالتأكيد لم تكن تدعم وصولها للحكم. وعندما طرد جمال عبدالناصر الإخوان المسلمين من مصر سافر العديد منهم إلى السعودية بمساعدة المخابرات المركزية الأمريكية ونجح، أما الإخوان الذين سافروا إلى أوروبا فقد بدأوا فى تأسيس شبكات دولية مقرها ميونخ برئاسة سيد رمضان. وفى نهاية الخمسينيات بدأت المخابرات المركزية الأمريكية فى تمويل الإخوان، فى إطار التعاون مع الشركة الأمريكية للبترول 'أرامكو'.

وخلال الستينيات استمرت المواجهات بين تيار القومية العربية بقيادة مصر وبدأ نشر الفكر الوهابى لمنع المد الناصرى، وساندته بريطانيا وخاصة مع تأسيس جامعة العالم الإسلامى التى تديرها وتمولها المؤسسة الدينية السعودية وكان من ضمن العاملين الأوائل فيها قيادات من الإخوان الذين ذهبوا إلى السعودية فى الخمسينيات وساعدهم حاج أمين الحسينى، مفتى القدس، وسيد رمضان رئيس التنظيم الدولى للإخوان، الذى كتب دستور المنظمة. وستظل العلاقة قائمة بين الإخوان والإمبريالية العالمية لأن التنظيم يقدم خدمات جليلة لتلك القوى.