رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لازم أتكلم

   •    لا أدرى ماذا حدث للمجتمع المصرى؟  تحول إلى مزيج غريب من السلوكيات البشعة، وبعد أن كانت هذه السلوكيات تحدث نادرا، وننظر إليها على أنها جريمة كبرى فى حق صاحبها والمجتمع، أصبحت أمرا عاديا، يتوقع حدوثه يوميا.

   •    انهارت قواعد الفضيلة والأخلاق، أبناء مهنة واحدة  يفطرون سويا فى موقع العمل، يقتسمون الرغيف، يغمسون العيش والملح فى طبق واحد،  وما إن تنفض المائدة، حتى ينطلق كل منهم يهرى فى الآخر، يطعنه، ينتهك خصوصياته، يحسده، يحقد عليه، ويبحث عن مصيبة يورطه فيها، أو حفرة يزرعه بداخلها. والغريب أن ذلك لم يعد مقصورا على مهنة معينة، وإنما طال كل المهن تقريبا، وانتقلت عدواه الى البيت، لنراه بين أبناء الأسرة الواحدة، وبين أبناء الخال والعمومة، وبين الجيران بعضهم بعضا، وكأنه أصبح مرضا لا تفلح معه أى وسيلة تقليدية، فلا دواء ولا تركيبات كيميائية أو عشبية باتت تصلح للعلاج.

   •    يقول البعض، العيشة، الغلاء، الفقر، الظلم، الفساد، المحسوبية، وغياب العدالة، ومعايير الكفاءة، والقدوة،  وغيرها من الظواهر الاجتماعية والإدارية، وأنا اقول ماشى كلها عوامل مؤثرة، وقد تكون دوافع أساسية لحدوث أى جريمة أو انحراف اجتماعى، أو انفلات إدارى، ولكن عند فئة معينة من المجتمع، وليس معظمهم، فمن غير المعقول فعلا، أن نكون جميعا هذا الرجل أو تلك المرأة أو ذلك الموظف وتلك الموظفة .

   •    لم تعد تحكم مجتمعنا أية ضوابط، اختفت المبادئ، وشيعنا التقاليد إلى مثواها الأخير، وصار المجتمع  يعانى من ( انفصام فى الشخصية) يعيش حالة مرضية مستمرة، من الصعب تشخيصها، وعلاجها، إنها حالة مستعصية، قد تحتاج وقتا طويلا للتعامل معها، فكل المؤشرات تؤكد أننا لم نعد نحن ، هناك حاجة غلط دخلت دمنا، لخبطت الدنيا، أفقدتنا القدرة على استعمال العقل، والاحترام الذاتى للنفس، وبالتالى فقدنا احترامنا لأنفسنا قبل احترام الآخرين.

   •    فى يوم واحد، وقعت أكثر من حادثة، تنبئك بما وصل إليه المجتمع من ضياع وانحطاط، وفساد فى القيم والأخلاق، جدة كبيرة فى السن تحرض ابنها على بيع طفلة شقيقه عبر الإنترنت، لإنقاذ والد الطفلة  من أزمته المالية، هكذا نسيت الجدة أمومتها، وضميرها وإنسانيتها، وبدلا من أن تكون ناصحة لابنها، باحثة عن وسيلة أخرى غير بيع (الضنا)  لمساعدته فى التغلب على الظروف المادية الصعبة، استسهلت الحكاية، وقالت نبيع الحفيدة ونفك أزمتنا، وكأننا نعود مجددا الى عصور النخاسة والرقيق والاتجار بالبشر.. أين هذه  الجدة من جدات زمان.. عندما كانت الواحدة منهن تخاف على الحفيد من الهواء أن يمسه أو يصيبه بسوء، مش تبيعه بحجة العوز والفقر ومساعدة أبيه؟!

   •    والحادثة الأخرى، فى الأقصر، وبالتحديد فى عزبة صقر بمركز إسنا، فوجئ رجل وهو يسير بصحبة ابنته الصغيرة أمام منزله، بهجوم بزجاجات المولوتوف، أدى الهجوم إلى إصابة الرجل وصغيرته بإصابات بالغة، شوهت وجهه تماما، واغتالت براءة صغيرته، وبالبحث والتحرى تبين أن الجريمة وراءها حالة (غل وغضب وفوران)، انتابت شابا وشقيقه  بعد أن أبلغهما الضحية، وهو عم لإحدى  الفتيات، بفسخ  الخطبة  مع أحدهما. تخيلوا فسخ خطبة تكون نتيجته هكذا، حرقًا بالمولوتوف؟! طب لو كان إجبارا على طلاق أو خلع أو توقيع شيك على بياض مثلا، كان هيحصل إيه .. إنها وربى مأساة وملهاة اجتماعية فى مدينة لن تكون يوما فاضلة،  إذا ما استمر أهلها على هذه الطريقة وتلك الفوضى الخلاقة، التى نخرت كالسوس جسد المجتمع فى أعقاب ثورة 25 يناير وتوابعها، ولم تنجح ثورة 30 يونيو فى مواجهتها والقضاء عليها.

   •    أما الفاجعة الأخلاقية التى لم أتوقعها، وإن كان مصدرها مستشفى الدمرداش، فهى أيضا تنتمى لمنظومة مجتمع ينهار أخلاقيا وإداريا، فالمسئولون بالمستشفى  يتعاملون مع المرضى وذويهم، بالطريقة التى يتعامل بها الطبيب البيطرى مع البهائم، عندما (يخرم) أذنها ويعلق بها قرطا مميزا، مع اختلاف بسيط فى الشكل الذى يليق بالبنى آدم ، وهو استبدال القرط البلاستيكى او الحديدى بختم لافت على اليد؛ حتى لا يتجرأ هذا المريض على العودة مرة أخرى  للمستشفى فى نفس اليوم، إلا بعد دفع ثمن تذكرة جديدة قيمتها سبعة جنيهات .. تخيلوا  أخرتها ختم يا جماعة؟!

   •    بصراحة شديدة.. مجتمعنا صار معكرونة فاسدة، تزكم رائحتها الأنوف، تأبى أن تقترب منها أو تشمها الكلاب الأليفة ، ويبدو أننا سنتعلم الكثير والكثير من حياة الكلاب فى المرحلة القادمة، فهى على الأقل وإن كانت تفسد الوضوء اللازم للصلاة، فإنها وفية ومخلصة لصاحبها، لا تعض يده ولا تؤذيه ، وإن ارتكبت  خطأ سرعان ما تبدى اعتذارها بطريقتها الخاصة، ولا تكرره، على عكس الإنسان، فهو لا يستوعب درس الأخلاق والقيم إلا لحظة النفاق والخطر، والخوف من المستقبل، ولحظة تحقيق المصلحة الشخصية على حساب مصلحة المجتمع .

[email protected]