عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

 

 

 

الأجور التى يتقاضاها أصحاب بعض المهن فى مصر تبدو فى نظر البعض وكأنه قد أصابها مس من الجنون، تتحدى المنطق والعقل حيث يتقاضى بعض نجوم هذه المهن فى شهر واحد ما يتقاضاه أصحاب مهن أخرى فى عشرات السنوات، بل وربما طوال حياتهم الوظيفية!

لاعبا فريق كرة القدم بالأهلى عبد الله السعيد وأحمد فتحى يقال إنهما يطالبان بـ 18 مليون جنيه فى الموسم حتى يوافقا على تجديد عقديهما مع الفريق، فى حين يبدو مبلغ 2 مليون جنيه رقما عاديا كأجر سنوى للعديد من اللاعبين نصف المعروفين فى العديد من الأندية، رغم أن زملاءهم فى الألعاب الأخرى بالأندية الكبيرة لا يتقاضون سوى عدة ألوف من الجنيهات، لا يحلم بها نجوم الألعاب الفردية رغم ما يحققه بعضهم من بطولات عالمية وميداليات ذهبية!

مذيعو التليفزيون والفضائيات أيضا دخلوا سباق الأجور المجنون وأصبحوا يحتلون صدارته، أحدهم هدد بترك الفضائية التى يعمل بها عندما طالبه مسئولوها بتخفيض راتبه السنوى الذى يتعدى العشرين مليون جنيه، العديد منهم يتقاضى 15 مليون جنيه، وأقلهم حظا كريهام سعيد مثلا تبين أن راتبها يبلغ 6 ملايين جنيه فقط!

أما نجوم السينما والغناء فيتقاضون أجورا فلكية من زمان، لكن ما يتقاضونه فى مسلسلات وبرامج شهر رمضان يتعدى حدود الخيال، عندما يتقاضى أحدهم كعادل إمام مثلا نصف ميزانية العمل بأكمله، وهو يتصور أنه يقوم بعمل وطنى فريد لأنه تنازل بالعمل فى التليفزيون ليوفر على الملايين من معجبيه دفع ثمن تذكرة السينما!

لا أحد يعرف بالضبط القواعد التى يتحدد بناء عليها هذا المستوى المرتفع من الأجور، هل يقدمون منتجا مثلا نادر الجودة ننافس به الدول الأخرى ونفاخر به بين الأمم؟ هل هو سوق الإعلانات التى تتحكم فيه قوى غير واضحة ومتشابكة العلاقات هو السبب؟ أم أن السبب يرجع إلى أن هؤلاء يشكلون قوة مصر الناعمة خاصة فى فضائها العربى؟

عندما نقارن هذه الأجور مع ما يتقاضاه أصحاب هذه المهن مع رواتب أساتذة الجامعات والمدرسين والأطباء والمهندسين والصحفيين والموظفين وغيرهم، تبدو الصورة فى غاية العبث، لكنها تعبر عن أوضاع مختلة فى حياتنا، تعكس نظرتنا لقيمة العمل وأهميته فى تطوير حياتنا وتقدمنا فى مختلف المجالات.

نحن نستطيع مثلا الاستغناء عن مشاهدة هذا المسلسل الرمضانى الذى تبلغ ميزانيته 300 مليون جنيه بسهولة، بل وقد نرحب بابتعاد هذا المذيع أو ذاك عن تقديم برنامجه التليفزيونى، وأن نتحمل اعتزال هذا اللاعب أو ذاك الملاعب، لكن ما لا يمكن أن نتحمله كمجتمع هو استمرار الدروس الخصوصية، وإهمال الأطباء لمرضاهم لاضطرارهم للعمل فى أكثر من مكان، أو لجوء الموظفين لطلب الإكراميات.

أجور هذه الفئات التى لا تكفى مصاريف عائلاتهم سوى عدة أيام من الشهر، تفرض علينا إعادة النظر فى منظومة الأجور فى مصر، وعندما ننجح فى توفير رواتب آدمية فى سوق العمل، ساعتها لن يغضب أحد إذا تقاضى البعض عدة ملايين من الجنيهات كل شهر وليس كل سنة!