رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

قبل يومين أعلن ياسر القاضى، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أنَ التحول الرقمى، واستخدام التكنولوجيا، مكون رئيسى فى استراتيجية الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلام الوزير «القاضى» الذى أطلقه من مدينة برشلونة، هو توصيف دقيق لأهمية التحول الرقمى فى المجتمعات، ويا ليته وهو وزير مسئول ومُهتم  يأتى إلينا من هناك بتجربة إسبانيا فى التحول الرقمى، الذى لابد لتحقيقه، من تطوير البنية التحتية للاتصالات، ورفع كفاءة تقديم الخدمات الإلكترونية الحكومية، وتنفيذ مشروعات المدن والمجتمعات الذكية، وتنمية الكوادر البشرية، وتهيئة البيئة المُشجِعة على الإبداع والابتكار التكنولوجى. وكل ذلك أراه ممكنًا ويسيرًا إلا (تنمية الموارد البشرية) فى القطاع الحكومى عندنا، فإنى أراها صعبة إنْ لم تكُن مُستحيلة.. فلى تجربة مريرة وسيئة فى التعامل مع هذه الكوادر البشرية، التى تُدير وتعمل فى المراكز التكنولوجية لخدمة المواطنين..  

ففى ديسمبر من العام الماضى شرعتُ فى إنهاء اجراءات تنازل عن قطعة أرض اشتريتها من أحد الأشخاص.  وتقدمت للمركز التكنولوجى لخدمة المواطنين بجهاز تنمية مدينة العبور، التابع لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهو بالمناسبة مركز لا يمت للتكنولوجيا «الحديثة» بِصِلةٍ، وحتى الآن لم يتم استخراج عقد جديد باسمى. وخلال هذه الفترة الطويلة رأيت بعينى كيف يتفنن المسئولون والعاملون فى إذلال المواطنين وتعقيدهم والعكننة عليهم، والتعامل معهم باستعلاء وتكبر، فمعظمهم يرسم على جبهته تكشيرة عريضة مفرودة لا تُخطئها عين، تقول يا ويلك يا منْ تقف أمامى.  

وعندما أردتُ أنْ أُتابع بنفسى مسار طلبى، دُخت السبع دوخات بين إدارات الجهاز.. واستشعرت من البداية رغبة بعض العاملين بمركز إذلال المواطنين فى تعقيد الأمور؛ فسجَّلتُ كل خطواتى من البداية متنقلًا بين المركز وإدارات المساحة والمعاينات والمشروعات والشئون العقارية والخزينة، فقطعت مسافة سبعة كيلو مترات ومائتين وثلاثة عشر مترًا، باستخدام برنامج على تليفونى المحمول. وصورت 76 ورقة تكرر تقديم معظمها فى كل خطوة، لمركز الإذلال، الذى ألزمنى بالسير بعدد من الإجراءات للوصول بعد عناء إلى استخراج العقد المطلوب الذى لم يصدر بعد، بدلًا من انهاء كل الإجراءات مرة واحدة وبمستندات واحدة، ومصروفات مجمعة واحدة، ومن خلال شباك واحد، لكنه كما يقولون هناك: «السيستم لا يعرف إلا كدا».. ووجدت مئات غيرى كنت ألتقيهم وأنا أُتابع سير الإجراءات وهم يلعنون السيستم والتكنولوجيا؛ بسبب القائمين عليها، حتى اقتنعت أنَّ التكنولوجيا التى نُطالب من زمن بتعميمها فى جميع مجالات الحياة لا فائدة منها، دون إعداد الموظفين والقائمين عليها جيدًا للتعامل مع البشر، وإفهامهم أنَّهم خُدَّام للمواطنين وليس العكس. 

وإذا كُنا حقيقة نتجه نحو التحول الرقمى، فلتُقدِّم الدولة الخدمات الإلكترونية الحكومية للمواطنين، منْ خلال تطبيقات إلكترونية، يتم تحميلها على الهواتف والحاسبات، مثل بلاد العالم، بدلًا مِنْ مراكز إذلال المواطنين، وحتى لا نضطر لرؤية الوجوه الكالحة.

[email protected]