عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

حين قيل إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، أمّن على هذا الشعار تمام التأمين، فدون هذا التاج لا يستطيع العليل أن يعمل أو يعول نفسه، ولا يقدر أن ينتج ويعلى قدره وقدر بلده، لهذا كانت الدول الحريصة تعمل دائمًا على إحياء الصحة فى بلادها، وقد نجح بعضها شيئًا ما، وفشل البعض الآخر، وبقى البعض بين بين.

والغريب أن أمريكا رغم ما تنفقه على الصحة، والذى بلغ 3.4 تريليون دولار أو ما يعادل 18٪ من الناتج المحلى، لم تستطع أن تصل إلى ما تصبو إليه فى هذا المضمار، ومشروعات أوباما التى هلل لها وسعى فيها إلى تأمين الصحة للجميع لم يستطع أن يصل إلى ما يتمناه، وهاجمه الجمهوريون هجومًا ألجمه وأقعده عن مداومة مساعيه، وبقى الـ20٪ من الأمريكيين دون تأمين، بل الأدهى من ذلك أنه لم يستطع مساواة الخدمة بين الأمريكان.

وبقيت خدمة الأبيض غير الأسود، وذو الجنس الواحد غير ذى الجنس الآخر، وصاحب الدين الحنيف غير صاحب الدين الآخر.

فالمنظومة الصحية لكى يعلو شأنها، لا بد أن تدرس أبعادها كلها، وليس نصفها أو ربعها، فلا نحلم بتعميمها دون أن نعى كيف ننتهى إلى ذلك، وأمام واقعنا صورة يظهر فيها ذلك واضحاً، فلقد فردنا الأذرع واسعاً لنسجل للملايين من قومنا فى التأمينات، فماذا جنى المؤمن عليهم من التأمين، إن حياتهم كلها تحت رحمة المستشفيات ومراكز الطب التى اختلفت أنواعها، وتنوعت أغراضها، ومنها تلك التى تسمى بالعامة فى عواصم المحافظات، والمركزية فى المراكز والتى بالاسم هى مجانية تمامًا، مثل تلك التابعة للهيئة التعليمية التى قامت أيام عبدالناصر، ومنها المستشفيات نصف المجانية التابعة لما أطلق عليها المؤسسة العلاجية، ومنها أيضًا وبصفة منفردة المستشفيات الخاصة التى تحصل ما تراه كافيًا من تكاليف، هذا إلى جانب مستشفيات جديدة متعددة الجنسيات لا نعلم عنها الكثير، ولا ندرى أين سيكون مقامها فى مشوارنا الصحى.

كل هذه المستشفيات اضطر المؤمن عليهم اللجوء إليها وعوضهم على الله، وكيف لا يقومون بذلك ومستشفيات التأمين فى طول البلاد وعرضها -مع قصورها- لا تتجاوز أصابع اليد، فإذا كان هؤلاء حيارى فى اختيار المستشفى التى تناسبهم، فما بال الـ100 مليون إذا طبق عليهم مثلما يطبق، خاصة إذا كانت المستشفيات ليست كل شىء فى الحفاظ على الصحة، بل هناك الكثير والكثير من الخدمات التى يجب أن تقدم حتى يكون التأمين مكتملًا ومطمئنًا لدوام الصحة فى كافة الظروف، فقد لا يستطيع المؤمن عليه مثلًا مغادرة داره لعجز يصيبه، ويحتاج لمن يداويه فى بيته بزيارة منزلية، أو قد يجتاحه مرض ليس له حل فى البلد، ويحتاج لمستشفيات الخارج وإن كان هذا قليلاً إلا أنه مكلف، والأخطر من ذلك قد تغتاله فجأة حوادث تودى بسلامة جسمه، أو يصيبه توقف بالقلب أو غيره من أعضاء الجسم دون سابق إنذار، فيحتاج لمن ينقذه إن لم يكن فى التو واللحظة يكون فى الوقت المتعجل وذى المدى القصير مستخدمين إسعافًا آمناً، وعناية مركزة مكتملة الأركان، كل هذا وغيره من الخدمات لا مناص من تسخيرها للمؤمن على حياته وإلا لخرج التأمين عن مضمونه، ولكن ليس معنى هذا أن نثقل عليه بدفع المال، ونلزمه بنسب من الإيراد تقارب الخيال، حتى يكون التأمين ناجزاً، وإلا فإننا أيضًا لا نكون قد وفينا حق التأمين الذى نتطلع إليه، لأن التوازن مطلوب، توازن بين حاجة التأمين، وقدرة من سيتكفل بسداد هذه الحاجة، وفى هذا المجال قد لا ننسى أن نفتح بالإضافة أبوابًا جديدة تساعد التأمين حتى ولو كانت صناعية فنضم إليه صناعة الدواء الذى يكلف التأمين ثلث نفقاته، وكذلك الأجهزة التعويضية التى تؤازر المريض فى عمل أعضاء جسمه من أطراف لعيون لهياكل الفم.. إلخ، ولا غضاضة فى ذلك إذا علمنا أن السعودية قد سبقت فى هذا المجال، وفتحت الباب واسعًا لصناعة الدواء وأجهزة التعويض حتى إنها فى عام واحد بلغ ما أنتجته من نظارات يفوق 37 مليونًا من الدولارات.

فلنمتنع عن التوسع إذا لم يف بالصحة من جميع جوانبها، ولنبدأ المشوار بالعدد الممكن، لا بالعدد الخيالى، ولنمش بعد ذلك حذرين حتى لا نضل الطريق إلى الصحة الكاملة فى كل زمان ومكان.

 

 

الأستاذ بطب بنها