رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاوى

هوامش التاريخ من دفاتر مصر المنسية.. كتاب للصديق والزميل العزيز مصطفي عبيد يحكي من خلاله حكايات وأخباراً لم تلق العناية الكافية من مؤرخي العصور، أو كما يقول إن هناك أحداثاً عظيمة تعرضت للإهمال والنسيان، بالإضافة إلي شخصيات أسطورية توارت واندثرت، وقصص ومواقف تم حجبها تحت وطأة التركيز علي التاريخ السلطوي. ولأن مصطفي عبيد قارئ جيد للتاريخ فقد استطاع أن يسلط الضوء علي مواقف تاريخية لم يكتب لها الانتشار، وعلي حكايات لم تروَ، حتي غلبت عليها الجهالات وسادت بشأنها الأباطير.

الكتاب يقرأ تاريخ مصر من خلال المجتمع لا السلطة كما يقول مصطفي عبيد وهو محاولة للغوص في أعماق العامة لا النخبة. وأهم ما يلفت النظر في كتاب هوامش التاريخ هو الإهداء، فعلي غير العادة لكل مؤلفي الكتب الذين يهدون مؤلفاتهم إلي أساتذتهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأوطانهم وخلافه، نجد إهداء المؤلف إلي الطغاة والقتلة والسفلة وأهل الشر مبرراً ذلك بقوله «لولاكم ما قرأنا ولا كتبنا ولا درسنا التاريخ». هذا الإهداء يأتي متسقاً تماماً مع فكرة هوامش التاريخ من دفاتر مصر المنسية.

ثم يأتي بعد الإهداء حديث أدونيس عن الكتابة العربية المعاصرة، والتي وصفها بأنها نوع من البحث عن زمن ضائع بشكل أو آخر في الماضي فيستعاد، أو في الحاضر فيقبض عليه أو في المستقبل فينتظر مجيئه. ثم نري المؤلف يتعرض في مقدمته إلي التاريخ المصري الحديث، واصفاً إياه بأنه يمشي علي عكازين، وأن ما ينشر من أخطاء، وما يذاع من خطايا كفيل بقلب أحداث التاريخ. ويقف الكاتب علي ظاهرة خطيرة انتشرت في هذه الآونة، وهي استسهال الناس عن البحث والقراءة والتنقيب، وحصولهم علي المعلومات من خلال شبكة الإنترنت، وصفحات التواصل الاجتماعي.

ويسرد «عبيد» في مقدمته أن جميع المؤرخين انكبوا لعقود طويلة علي تدوين وتحليل التاريخ السياسي، واعتنوا عناية فائقة بكل ما صدر عن السلطة من أفعال ومواقف، واتفقوا واختلفوا حول شخصيات الحكام وحواشيهم وكبار الساسة والمؤثرين في صناعة القرارات. وكأن صناعة التاريخ مقصورة علي الكبار، وكأن أفعال الصفوة هي وحدها تستحق المتابعة. وهكذا تجاهل المؤرخون تاريخ المجتمع المصري، وجاءت قراءات الواقع الاجتماعي والاقتصادي ضمن هوامش الكتب، وفي شذرات متفرقة هنا أو هناك، وبات جمعها وعرضها أمر بالغ الصعوبة.

وهنا سعي مصطفي عبيد من خلال هوامش التاريخ أن يقرأ الهوامش من جانب المجتمع لا السلطة، وفهم العامة لا النخبة، والمحكومين لا الحكام. ولذلك قد يري القارئ مواقف كثيرة مقلوبة وحكايات معكوسة وطرائف كثيرة وأموراً قد تصيب بالصدمة لأنها تأتي علي غير الثقافة المعروفة لدي الناس. هذا الكتاب دراسة رائعة تعيد النظر في مفاهيم كثيرة تأصلت لدي المجتمع وفي حقيقتها هي محاولة جديدة في البحث عن هوامش التاريخ.

[email protected]