رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 فى أحيان كثيرة،أشعر أن الحكومة تحتاج إلى درس خصوصى فى الشفافية والمصارحة، ويبدو أنها لم تتعلم بعد من طريقة تفكير ومنهجية الرئيس السيسى فى التعامل مع القضايا والإشكاليات الحساسة والمطبات السياسية الاقتصادية التى تثير حفيظة الشعب المصرى، وتترك الكثير من علامات الاستفهام، إذا لم تحسم مبكرا بالصراحة والمكاشفة، إما بالنفى والتكذيب أو بالتوضيح وإزالة الالتباس والفهم المغلوط، مما يدفع الرئيس لأن يتدخل وينقذها فى الوقت الضائع، ويقوم بدورها ويضع النقاط فوق الحروف، أو كما يقولون« يعديها من المطب»، ويعدل «الكفة المايلة».

 حدث ذلك مرات عديدة، أقربها قبل يومين خلال افتتاحه مركز خدمات المستثمرين بوزارة الاستثمار ،عندما حسم جدلية استيراد الغاز من إسرائيل، وحفظ ماء وجه الحكومة؛ بتأكيده على إنه لا علاقة لها بهذه الصفقة، التى تمت بين إحدى الشركات الخاصة المصرية (دوليفنوس) وبين الحكومة الإسرائيلية، ولو أن رئيس الوزراء كان قد خرج وصارح الناس بصفقة الـ«15 مليار دولار»، ما كانت هناك فرصة لاستغلالها فى تشويه النظام والإساءة للحكومة، وتصويرها من قبل الأشرار وأعداء النجاح على أنها حكومة تستغبى الشعب أو تخادعه و تضحك عليه أو تعامله على أنه ساذج، ينفعل ويغضب ويثور ثم ينزل (على مفيش) وكأن شيئا لم يكن .

 فما الذى كان يحدث لو أن رئيس الوزراء كشف عن الاتفاقية وبنودها وتفاصيلها قبل أن يفاجئنا «نتنياهو» ويعتبر يوم توقيعها عيدا لإسرائيل، مستفزا بتصريحه المصريين والعرب والمسلمين، مؤججا نار الفتنة داخل الوسط السياسى المصرى الذى يتأهب لانتخابات رئاسية مثيرة للجدل . وما الذى كان يحدث لو خرج وزير البترول وكشف عن الشراكة الجديدة بين القطاع الخاص فى مصر وإسرائيل، بدلا من أن يترك المهمة لمجموعة « ديليك » الإسرائيلية المسئولة عن تسويق غاز حقلى« تمارا »و« لوثيان »الإسرائيليين؟ .

 لماذا خجلت الحكومة من الإعلان عن الاتفاقية التى تصب كل بنودها لصالح مصر؟ ولماذا لم تطرحها على لجنة الطاقة بالبرلمان؟ فهى وإن كانت مبرمة مع القطاع خاص إلا أنها ستنفذ فوق أرض مصرية، وبإشراف وزارة البترول المصرية، وسوف تستخدم الشركة الإسرائيلية محطات إسالة الغاز والشبكة القومية، وجميعها بنيت بأموال الشعب المصرى؟ وكان من الأجدر أن يعلم نواب الشعب وممثلوه تحت القبة بكل تفاصيل الاتفاقية ويناقشوها بندا بندا، استنادا للمادتين (134 و135) وإعمالا للائحة الداخلية للمجلس.

 لقد نجحت الحكومة فى تطوير سوق الغاز فى مصر وجعلها مركز جذب للشركات العالمية، تمهيدا لتحويلها  -وكما وجه الرئيس السيسى- مركزا إقليميًا للطاقة، فما الذى كان يمنعها من مكاشفة الشعب وإعلان الاتفاقية، ولاسيما وأن لدينا قانونا للغاز، ولا تستطيع أى شركة داخلية أو خارجية استيراد أو تصدير الغاز أو أى نوع من الطاقة إلا بعد موافقة الحكومة المصرية، فما بالك والشركة المصدرة إسرائيلية؟!

 كان من حق الشعب أن يسأل لماذا هذه الصفقة المفاجئة؟ وما الفائدة التى ستعود على مصر منها؟ وهل ستؤثر هذه الاتفاقية ستؤثر سلبا على اكتشافات الغاز فى مصر؟ أم ستكون قيمة مضافة للاقتصاد المصرى؟ ومن حقه أيضا أن يغار على موارده ومرافقه ويحاسب الحكومة عن الاستغلال الأمثل لها؟ هذه التساؤلات غابت عن ذاكرة الحكومة التى مازالت تعتقد أنه ليس من حق الشعب معرفة كل شىء، وأن الشفافية يجب أن تكون فقط كلمة فى تصريح هنا أو هناك، وهو ما ينسف للأسف جهودًا كبيرة يقوم بها الرئيس.

 هذه الاتفاقية، لمن لا يعرف تفاصيلها، لمصلحة مصر، ولا تضر بالأمن القومى المصرى، وإذا كان شريف إسماعيل أعلن عنها قبل «نتنياهو»، ما أثيرت حولها كل هذه الضجة وما اضطر رئيس مصر للتدخل وتبريرها والدفاع عنها؟ فمدة الاتفاقية عشر سنوات، وبمقتضاها تستورد شركة دولوفينوس المصرية الخاصة، 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى الإسرائيلى، بثمن رخيص جدا وافقت عليه إسرائيل مضطرة لتسويق فائض إنتاجها إلى أوربا وآسيا بعد أن فشلت فى تحقيق ذلك عبر تركيا ولبنان وسوريا لاعتبارات سياسية وعسكرية واستراتيجية واقتصادية، وهو ما استغلته الحكومة المصرية جيدا، ولكن يا خسارة «الحلو ما يكملش».

       •كل المعطيات تؤكد أن الشعب المصرى هو المستفيد، وهو ما عجزت الحكومة عن توضيحه مبكرا، فالكمية المستوردة من إسرائيل ستعيد الحياة إلى مصنعين معطلين منذ سنوات، وبالتالى سيتم تشغيل العديد من المهندسين والعمال المصريين، وستحصل مصر على 6دولارات عن كل مليون وحدة حرارية، بما يعنى أن كل 30 مليار متر مكعب من الغاز( ألف مليون وحدة حرارية ) ستضخ فى الخزانة المصرية نحو 22 مليار دولار، تضاف إلى عائدات حقل ظهر الذى أدى اكتشافه إلى اشتعال حرب الغاز فى شرق البحر المتوسط، وغيرها من الفوائد التى يتعمد تجاهلها أصحاب الأفق الضيق، ومن يريدون أن تبقى مصر حبيسة الأخطار الوهمية للتطبيع و«كامب ديفيد.»

[email protected]