عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

من أمام كاميرات التليفزيون  إلى الانزواء خلف قضبان السجون، يبدو أن مسيرة المذيعة ريهام سعيد المهنية توشك على الانتهاء، إذا ما أدينت بتهمة التحريض على خطف الأطفال، حيث إن عقوبة هذه التهمة تصل إلى السجن المؤبد.

ريهام التى كانت تطمح لتحقيق سبق تليفزيونى حول قيام عصابة بخطف طفلتين من الشارع من أمام بابي منزليهما، كانت تستهدف كما قالت إلقاء الضوء على ظاهرة خطف الأطفال لسرقة أعضائهم أو استغلالهم فى التسول أو حتى إرجاعهم لأسرهم مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهى الظاهرة التى انتشرت مؤخرًا بشكل كبير فى مصر، فى حين قال أحد أفراد العصابة إن عملية الخطف تمت بالاتفاق مع ريهام، وإن القصة كلها مفبركة!

قد تكون ريهام صورت هذه الحلقة بحسن نية، لكن مسيرتها المهنية كانت محل انتقادات واسعة خاصة فى حلقاتها عن الجن والعفاريت والتى طالتها أيضا اتهامات بالفبركة، ومع ذلك فهى ليست وحدها المسئولة عن تدهور أدائنا الإعلامى، ولا عن تسطيح القضايا التى يجب أن تتناولها فضائياتنا بشىء من الالتزام والجدية، بعيدًا عن السباق المحموم للفوز بنصيب أكبر من  كعكة الإعلانات التى تقلص سوقها إلى حد  كبير مع الأزمة الاقتصادية التى نعانى منها.

ما تفعله ريهام  يفعله معظم إعلاميينا بأشكال وصور مختلفة، منهم من يفرط فى التعبيرات الجنسية بطريقة فجة لشد انتباه المشاهدين، ومنهم من يتكلم فيما لا يعلم عن دول صديقة وعن قضايا سياسية خطيرة، ويفتى بكلام فارغ لا أصل ولا فصل له.

 أما بعض الصحفيين الذين تحولوا إلى إعلاميين فجأة، فقد اعتبروا أنفسهم زعماء سياسيين أو مفكرين وفلاسفة، رغم أنهم يحشون آذان مشاهديهم بحماقات مضحكة يتقاضون عليها ملايين الجنيهات، دون أن يراجعهم أحد، بل ودون أن يفكر أحد فى وقف هذا العبث والجنون الذى زاد على حده.

هذه الفوضى الإعلامية تغطى تماما على الإعلاميين الجادين حيث أصبحوا على هامش الاهتمام الجماهيرى، تماما مثلما فعلت أغانى المهرجانات بكبار المطربين وبالأغانى  والموسيقى الراقية.

الإعلام فى غالبيته لم يعد رسالة لها أصول وقواعد، بل تحول إلى سلعة يحاول مروجوها جذب المشاهدين بأساليب رخيصة منها وصلات الردح بين الضيوف، أو كيل الشتائم بين هذا الطرف أو ذاك، أو نشر معلومات بدون التأكد من صحتها، أو تشويه شخصيات عامة بدون أى احترام ليس فقط للأصول المهنية ولكن لأى قواعد أخلاقية.

هذا العبث الإعلامى لن يتوقف إلا بإنشاء هيئة قومية مستقلة تدير كل شئون الإعلام بعيدا عن أى وصاية حكومية، تضع معايير مهنية يلتزم بها الجميع، ويكون لها صلاحيات واسعة فى وقف أى تجاوزات أو مهاترات تشوه الرأى العام، أو بمعنى أصح تزيد من تشويهه وتجهيله، حتى لا نترك الساحة لمصاصى دماء وعقول المشاهدين يقتحمون بيوتنا بدون حسيب أو رقيب!