عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشعب يريد

ذهب سريعًا كالبرق.. وسبقنا إلى عالم الحق والعدل والصدق، تخلص من عالم الزين والنفاق والجرى وراء المال والمادة.. ذهب لعالم البقاء متعجلًا مغادرة عالم الفناء.. إنه الصحفى المحترم جمال يونس ابن الوادى الجديد، هادئ الطباع، مثالًا للرضا وانعكاسًا لنور داخلى يملأ قلبه وينير عقله، ويصون قلمه، ويحفظ مبادئه.

فقدنا كل هذه القيم بالأمس، وفجأة وبلا مقدمات غادرنا جمال يونس، ولكنه ترك ما يخلد اسمه ما حيينا، فمن منا يمكن أن ينسى الابتسامة الهادئة والصدق والكلمة الطيبة والالتزام ونظرته العاقلة لكل الأمور.. بدأ تدريبه وعمله بجريدة «الوفد» ضمن كتيبة من الشباب الواعد والقادم معظمه من أصل صعيدى، مشحونًا بالأمل وحب قيمة العمل والأصالة الصعيدية الحضارية التى لا تموت، وتبقى إن شاء الله إلى أن يرث الأرض وما عليها.. عشت معهم ووسطهم كأنهم أزهار طاهرة تنمو أمامى وأفرح بها كلما كبرت.

ظل الوفد حزبًا وجريدة يفخر بأبنائه الذين تحملوا كل تداعيات الزمن وتقلباته، ولم يتغيروا ولم يغادروا، وكان جمال الرضا والنور ضمن مجموعة تغطى أخبار البرلمان عليه رحمة الله، ومع محمود غلاب وجهاد عبدالمنعم والنائب الشاب الصحفى الوفدى محمد عبدالعليم، وعشت معهم سنوات طويلة تحت قبة البرلمان، أفرح عندما أراهم وأشعر بالزهو لتحيتهم لى، وتقديرهم الذى فاق ما استحقه كثيرًا.. وعندما عدت أكتب بجريدة «الوفد» كان جمال النور هو أول من استقبلك صدفة على باب الحزب.

صدفة عرفت حكمتها الآن- وقال لى «العش ما زال موجودًا يا عصفورة الوفد»، وبسرعة قلت له بعد كل هذه السنين مازلت «عصفورة الوفد» ورد: نعم.. وبالتأكيد، وصمم على ألا يغادر الجريدة واصطحبنى لمكتب الزميل الفاضل الأستاذ سيد عبدالعاطى، رئيس التحرير السابق، ومعه بلدياتى الأستاذ وجدى زين الدين، رئيس التحرير، يومها تأكدت أن الدنيا ما زالت بكل خير، وأن مشكلة مصر سوء تربية وبعد عن الله من بعض بنى الإنسان، ودعوت كثيرًا أن يحافظ الله على «كتيبة الصحفيين الوفديين» ويحفظها كما كان يسميهم أستاذنا مصطفى شردى عليه رحمة الله.. إنهم فتية لم تبهرهم القصور ولم يغرهم المال، وحددوا تطلعاتهم بالرضا والصدق والنور، ومن هنا يخرجون من كل أزمة متماسكين أقوياء، لم يهتزوا لأن لهم أساتذة اقتدوا بهم، وتحيطهم مبادئ الرجولة، وحزب عمره 100 سنة، من النماذج المشرفة على مر التاريخ.. إنهم فتية آمنوا بربهم فأمنهم من الجوع والخوف والنفاق والركوع لغير الله عز وجل.

كان جمال يونس نموذجًا لصحفى يحب المهنة ويحترم زملاءه ويهنئ من يصيب ويملأ من يخفق بالأمل كله.. وعندما سافرت إلى الوادى الجديد وزرته لسنوات طويلة وكتبت عنه لما يقرب من عشر سنوات كان يشجعنى وهو الأخ الأصغر سنًا ولكنه الكبير فكرًا وأدبًا وفى لقائى الأخير به سعدت بلقائه، هو وأعضاء الكتيبة محمود غلاب ومجدى حلمى، وقال لى إننى أضحك كثيرًا عندما يزور الوادى الجديد الآن كتاب كبار، وكأنهم يكتشفونه، وأتذكر وأتعجب مما كتب عن الوادى بقلمك منذ عام 1983، وزياراتك المتكررة له، ولا أنسى موضوع «سجن المحاريق»، وسألته أتسافر له الآن؟ وتزور الوادى، فرد قائلاً: لا وقت كما أن ثمن المواصلات فاق الحدود، وربما مع عودة الطيران للوادى أزوره قريباً.. ولم يسافر ولكنه اصطفاه ربنا عز وجل؛ ولأن روحه الطيبة كانت تعانى الهم الوطنى أراه استراح وترك لنا التعب ونار الفراق وافتقاد وجه الرضا والنور حتى كدت أحسده ليعود مرة أخرى لمتاعب الحياة وصعوبتها وسط مناخ تغير كثيرًا بأيدينا لا بأيدى غيرنا.

رحم الله جمال يونس وألهم أسرته وأسرة الوفد الصبر والسلوان.. ورحم الله من مات وهدى من بقى.