رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

وسط هذا الكم الهائل من الحروب، وتوحش الدول الإمبريالية التى فقدت عقلها، تلعب الدبلوماسية دوراً مميزاً ومهماً فى نطاق العلاقات وتدعيمها، ومعالجة كافة الشئون التى تهتم بمصالح مختلف الدول، وعن طريقها يمكن التوفيق بين المصالح المتعارضة، ووجهات النظر المتباينة، ويتيسر حل المشكلات وتسوية الخلافات وإشاعة الود والتفاهم بين الدول. وبوساطتها تستطيع كل دولة أن توطد مركزها وتعزز نفوذها فى مواجهة الدول الأخرى. فالدبلوماسية مراقبة مجريات الأمور والحوادث وحماية مصالح الدولة والمفاوضة فى كل ما يهمها. ومن المعروف أن الدبلوماسية الحديثة تقود الساحة الدولية فى عالمنا الحالى منذ الحرب العالمية الثانية. وأن التفاوض من مركز قوة من أهم مبادئ التفاوض، وعنصر القوة هو أمر نسبى وإدراكى، أى يمكن للمفاوض الناجح أن يحوِّل كافة النقاط التى يحسبها الآخرون نقاط ضعف، فيستطيع بما لديه من خبرة وقدرة أن يحولها إلى نقاط قوة، يستطيع من خلالها التفاوض بنجاح وفاعلية، والمفاوضات عملية وفكرة سلوكية، وهى تقضى بوجود خيارات كما أنها تقضى بوجود مساومات.

وفى الحقيقة أن «دبلوماسية الحرب» هى التى أسست للدبلوماسية الحديثة التى نعيشها الآن، فالتهديدات المتبادلة لدول التحالف والمحور، تبدلت بعد إنشاء تحالفات ثنائية، ثم تحولت إلى تحالفات إقليمية محورية فيما بعد. خاصة أن الحربين العالميتين الأولى والثانية اندلعت، نتيجة لصراع القوى الإمبريالية المختلفة للسيطرة على العالم. الحرب والدبلوماسية شيئان لا يفترقان، فكل حرب يسبقها ويتخللها ويتلوها دبلوماسية، وقد يحقق الجنود نتائج باهرة فى ميادين القتال، وتخذلهم الدبلوماسية فلا يرقى مستواها لمستوى الأداء القتالى، وقد تنتصر الدبلوماسية وحدها دون إطلاق رصاصة واحدة، إلا أن الحرب وحدها لا تحقق أهدافها دون دبلوماسية مناسبة، ومثل العمليات الحربية فإن العمل الدبلوماسى يشتمل على دراسة أرض العمليات والعدو ومقارنة القوات والأسلحة بمقارنة نقاط القوة والضعف فى إمكانيات القوة الشاملة، وبحث مجال المجهود الرئيسى، وتقدير الموقف وإعداد الخطط والبدائل المختلفة، ومن المعروف أن هتلر فى نهاية عام 1939، وبداية عام 1940 كان يرمى إلى تحكيم سيطرته فى بولندا كورقة قوة أمام بريطانيا وفرنسا، لتحقيق السلام وفقاً لمصلحته. وقد صرح هتلر بذلك بوضوح خلال خطابه فى 19 سبتمبر 1939، قائلاً: «ألمانيا لا تهدف إلى محاربة فرنسا أو بريطانيا، لكن لا بد لهما أن يعترفا بالسيطرة الألمانية على بولندا». وهتلر كان يريد من خلال هذه الورقة تأكيد ضرورة تعديل معاهدة فرساى، وإعادة المستعمرات الألمانية لبلاده، والاعتراف بسيطرته الفعلية على بعض المناطق الأوروبية، وبالأخص بولندا. هنرى كسينجر أحد صانعى السياسة الأمريكية لسنوات طويلة يستعرض لنا فى كتابه «الدبلوماسية من الحرب الباردة حتى يومنا هذا» الشئون الدبلوماسية والسياسية بدءاً من الشمولية فالتوازن، ومصلحة الدولة، وصولاً إلى النظام العالمى الجديد، كما قدم فيه عرضاً لتاريخ أوروبا السياسى والدبلوماسى، ودور بلده فى الحربين العالميتين، مبرراً كل ما قامت به الولايات المتحدة من أعمال انعكست ضرراً على باقى الشعوب والأمم. ولكن علينا جميعاً أن نعلم أن الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية استثمرت انتصار الدول التى حاربت مجتمعة ضد هتلر لصالح أهدافها بتأسيس الأمم المتحدة، لمواجهة القوى الأوروبية الممتد نفوذها شرقاً وغرباً، من خلال تشجيعها لتنفيذ حق تقرير المصير للمستعمرات، والإسهام فى إعادة إعمار أوروبا المدمرة بديون باهظة تستتبع هذه الدول لها، وبالأخص عبر مشروع مارشال المشهور، غير أن الاتحاد السوفيتى رفض الهيمنة الأمريكية على العالم، ومن هنا انطلقت شرارة الحرب الباردة التى استمرت فعلياً حتى عام 1991، وما زالت مستمرة حتى الآن ولكن بأشكال مختلفة، والعالم لا ينسى كيف استطاعت أمريكا الانتصار على الاتحاد السوفيتى وتفتيته بدبلوماسية السيطرة على «يلتسين». ولا عجب مما نراه الآن من تحول موقف أمريكا تجاه كوريا الشمالية والذى بدأ فعلياً من أواخر العام الماضى عندما أعلن وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس أن الولايات المتحدة ما زالت تأمل فى حل أزمة كوريا الشمالية دبلوماسياً، بعد تصعيد فى اللهجة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، لأن الحرب ستكون «كارثية»، وبالتالى الحل هو الجهود الدبلوماسية التى تحرز النتائج بشكل أكثر إبهاراً وقوة.