عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

 

كارثة معمارية كبرى تعاني منها مصر بعد ثورة 25 يناير والتى عمت بعدها الفوضى كل مناحي الحياة فى مصر، واختفت بعدها سلطة أجهزة الدولة وضعفت قبضتها على أمور البلاد والعباد فى مصر، وأقصد بها ظاهرة البناء المستعجل!

فطوال تاريخ مصر كانت عملية إنشاء أي عمارة سكنية تستغرق شهوراً وشهوراً.. وربما سنين فى بعض الأحوال، ومن هنا كانت تتم عملية البناء على مراحل طويلة تتيح للخرسانة المسلحة أن تجف وتستوي ويشتد عودها مع الأيام!

لذلك رأينا مباني فى مصر عمرها يتجاوز المائة عام أو يزيد، وهي صامدة وباقية وشاهدة على قوة ومتانة الباني المصري وجودة تشييده وحسن صناعته، خاصة فى مناطق وسط البلد والقاهرة الخديوية!

ولكن ونظراً لأن كل شيء فى بلادنا قد أصابه العطب وضربه الإهمال وانتشر فيه فيروس «الطلسمة»، أى العمل دون أي احتراز أو اهتمام، المهم تحقيق المكسب السريع، ولو على حساب حياة الناس ومصالحهم، ونظراً لسيادة مبدأ اخطف واجري، وخوفاً من عودة قوة الدولة وبسط سلطتها على أمور البلاد والعباد.

ومن هنا لجأ مقاولو البناء والتشييد إلى البحث عن حل سريع لتأخر عملية البناء والتشييد، حتى لا تستغرق وقتاً طويلاً، فالمطلوب سرعة البناء ولو على حساب جودته، ومن هنا وجدوا ضالتهم فى حل سحري عجيب، وهو عبارة عن مادة كيميائية سحرية، تجعل الخرسانة المسلحة تجف فى أقل من يوم واحد، وهو المراد تحقيقه!

فبواسطة خلطها بالأسمنت والرمل والزلط، أو ما يسمى بـ«المونة» تعمل على جفاف الأعمدة والأسقف الخرسانية فى لحظات قليلة، وكأنها مادة الجبس!

لذلك ترى عمارة سكنية مكونة من عشرة أدوار، وربما أكثر تنشأ فى شهر واحد لتناطح عنان السماء مخرجة لنا لسانها بكل فجور!

ولكن هذه المادة بجانب هذه الميزة الهائلة لها آثار جانبية خطيرة فهي تعمل على عدم تماسك الخرسانة المسلحة وسرعة تفتيتها فى أقل وقت ممكن، لذلك يقل عمر المبني من خمسين عاماً، وربما مائة عام كاملة إلى أقل من عشرة أعوام وتتساقط العمارات فوق رؤوس أصحابها، ولا شيء مهم طالما تحقق المكسب السريع لمقاولي البناء وتضخمت كروشهم!

ولعلك تستطيع رؤية تأثير هذه المادة بكل وضوح بمجرد نظرة سريعة إلى المباني المنهارة ففي الماضي كنت ترى الأعمدة والأسقف الخرسانية متكومة فوق بعضها البعض، وكان رجال المطافي والحماية الوطنية وأجهزة المحليات يبذلون مجهودات جبارة في رفعها بالاوناش وأحياناً تقطيعها بالمناشير الكهربية لسرعة إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض!

أما الآن فانظر للمباني الحديثة المنهارة تجدها وقد تحولت إلى كوم تراب بفعل هذه المادة الكيميائية اللعينة التى قصرت أعمار المباني، وقصفت عمرها، وفتت تماسكها مما حولها فى لحظات الى كوم تراب على رأس سكانها والذين يدفنون تحت أنقاضها دون أي أمل في النجاة بفعل الاختناق وعدم وجود أكسجين فى فراغات المباني المنهارة لأنها تتحول لكوم تراب وليس هياكل خرسانية بينها فراغات تسمح بالتنفس حتى تتمكن فرق الإنقاذ من أداء عملها وانتشالهم من تحت الأنقاض!

مطلوب تحرك حكومي عاجل، وسرعة مراقبة عملية البناء، ومعاقبة كل من يستخدم هذه المادة الملعونة، بل وحرمانة تماماً من العمل فى قطاع البناء والتشييد..لإنقاذ سمعة الباني المصري فى كل دول العالم، فنحن من بنى وشيد الأهرامات والقلاع الأثرية الموجودة من آلاف السنين، فليس معقولاً وﻻ مقبولاً أن يبني أحفادهم مباني تنهار فى عدة أعوام بفعل الغش الذي انتشر وتفشى فى كل شيء.