رؤية
فى الذكرى العاشرة لرحيل الكاتب والإعلامى النبيل مجدى مهنا يظل بما كتب وقدم لمصر النموذج الرائع للوطنية الخالصة، فبينما كانت الساحة الإعلامية فى الفترة الأخيرة من الحكم المباركى تضج بعشرات الهتيفة من كتاب الموالاة المكلفين بأوامر الحزب الوطنى، وبعض «كُتاب المعارضة غير الوطنية» أصحاب «عرضحالات» وبلاغات اتهام من يشير لهم النظام بأنهم باتوا من المغضوب عليهم فيسارعون فى نهش لحومهم وخصوصاً فى ملاحقة بعض رجال الأعمال الأثرياء ليضمنوا الحصاد الوفير من جراء حملات الابتزاز الرخيصة التى كثيرًا ما كانت تطال الأبرياء دون واعز من ضمير.. أقول، أنه، وفى ظل ذلك المناخ الصعب، انحاز «مهنا» لصالح الضمير الوطنى فى مواجهة قياصرة «الحزب الوطنى»..
وقد انضم مهنا مبكراً لجماعة الصحفيين فالتحق أولاً بمؤسسة روزاليوسف، ثم انضم لفريق كتاب المعارضة الصريحة فعمل بجريدة الأهالى لسان حال اليسار المصرى، ثم جريدة الوفد لسان حال الحزب الليبرالى العتيد، وفيها تقلد منصب رئيس التحرير، غير أن تجربته فى «المصرى اليوم» ظلت هى الأكثر تميزاً فى مسيرته المهنية، فكان أحد الآباء لتجربة ولادة «المصرى اليوم»، منذ كانت فكرة، ثم بدأ رئيساً للتحرير فيها فى محاولة الإصدار الأولى، بعدها اختار مجدى مهنا أن يكون من كتاب الأعمدة البارزين فيها بعموده «فى الممنوع»، والذى كان عنوانًا لبرنامجه الشهير على قناة «دريم»..
أتذكر، تناوله لقضية تتعلق بالشأن المسيحى ورأيت فى حينها أنه قد بنى إحدى مقالاته على معلومات غير دقيقة، فأرسلت له ردأ من باب المشاركة فى تبنى ما كتب ولكن بعد تصويب ما كنت أراه غير مدقق المعلومات، وكانت المفاجأة بعد مرور يوم واحد من إرسالى الخطاب قيام ذلك الكاتب الرائع بتنازله عن عموده اليومى ثلاثة أيام متعاقبة لنشر كل سطور، بل وحروف رسالتى، وفى نهايتها كان تعقيبه أنه يوافقنى على معظم ما كتبت إلا فى جانب ما أوضحه بجلاء وبتمكن مهنى لائق بكاتب نبيل..
قال عنه الكاتب الصحفى الكبير عباس الطرابيلى «لقد كان مجدى مهنا رفيق مسيرة طويلة، وأذكر أنى قد رفضت نشر مقال له بدافع حمايته من بطش بعض الكبار. لقد كان إنسانا عفا جدا حتى أننا فوجئنا بموضوع مرضه الذى ظل يخفيه عن الجميع»..
رحم الله مجدى مهنا الذى أرى أنه أهم فرسان تهيئة الضمير الوطنى للقيام بثورة 25 يناير الرائعة..