عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لا أعرف من هو المسئول عن الترويج لفكرة أن دمج الأحزاب القائمة من شأنه أن يقويها ويبعث فى دمائها الحياة  ويخرجها من مشاكلها وعثراتها، ولا من هو  من أشاع مناخ  السخرية من عددها الذى بلغ نحو مائة حزب، وهو عدد قد يكون مرشحا للزيادة بعد أن تعدل قانون الأحزاب   40 لسنة 1977 بالمرسوم الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة  بقانون رقم 12 لسنة 2011  ويقضى بإنشائها بالإخطار الذى تدرسه لجنة قضائية مختصة، تسمح للحزب بممارسة نشاطه  فى اليوم التالى لمرور ثلاثين يوما على تلقى الإخطار دون أن تعترض عليه. فإذا كنا نتفق على ضعف الأحزاب  السياسية القائمة، فيصبح من البديهى القول  إن جمع الأصفار مهما بلغ عددها لن يساوى سوى صفر، وبالتالى  تغدو مشكلة التعددية الحزبية فى مصر أعمق بكثير من عدد الأحزاب التى أسفرت عنها، والدعوة لدمجها لن يحررها من تلك المشاكل بل ربما يزيد تعقيدها!

هنا يجدر بنا العودة لنشأة تجربة التعدد الحزبى منذ أن أعادها للحياة الرئيس السادات  عام 1976 لتأمل مناطق الخلل بين  تشوه النشأة وتعثر المسار، لأن التعددية التى عادت حينذاك لم تكن لها علاقة  بالديمقراطية  ولا بالتجربة الحزبية التى عرفتها مصر قبل ثورة 1952. كان السادات شأن من خلفوه، يريدها تجربة شكلية تتنفس تنفسا صناعيا، بجانب حزب حاكم مهيمن، وضمن قيود تشريعية وعرفية تمنع الأحزاب من ممارسة أدوارها وأنشطتها والترويج لبرامجها  وحشد المواطنين للانضمام لصفوفها، فضلا عن آلة إعلامية ضخمة تروج للحزب الحاكم، وتسرف فى تشويه معارضيه فى الأحزاب الأخرى، وتشكك فى العمل الحزبى وفى جدواه. صحيح أن بعضا من الأحزاب التى نشأت قاومت تلك الظروف وتصدت لها، لكن الطابع العام للتجربة يظل كما هو : نظام الحزب الواحد فى قالب تعددى.

وبعد ثورة يناير، كان من سوء الطالع، أن شباب الثوار الذين سيطروا على الميادين، رفضوا فكرة الانضمام للأحزاب  برغم أنهم كانوا يرفعون شعاراتها، وتفاخروا بأنهم بلا قيادة  توحد إرادتهم ورؤيتهم للمستقبل، فكان من المنطقى والحال هكذا  أن تقفز لقيادة الميدان وتهيمن على جماهيره التى لا تتسلح بالقدر الكافى من الوعى، التيارات  الأكثر تنظيما التى تسعى لإقامة دولة دينية، وفى مقدمتها جماعة الإخوان، الذى شكل مسعاها عاملا رئيسيا فى عرقلة المسار الديمقراطى فى مصر، بخلطها الدائم هى  وأقرانها بين الدين والسياسة، وبين الديمقراطية والفوضى، وبين الدولة والولاية  أو اللادولة !

ونجحت تلك التيارات  فى  فرض رؤيتها على الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011، فألغى التعديل الذى كان قد أدخل عام 2007 على دستور 1971 ونص على أنه « لا تجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية دينية أو أساس دينى أوبناء على التفرقة بسبب الجنس أو الدين «ليصبح» ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى  أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل». والتزم دستور 2014 تحت ضغط التيار الدينى بنفس النص، حين  حذف حظر قيام الأحزاب على أية مرجعية دينية من نص المادة 74 التى تنظم قيام الأحزاب.

ومراجعة بسيطة للأحزاب المائة  التى تشكلت منذ ثورة يناير وحتى الآن، سوف تكشف أن اغلبيتها أذرع سياسية لأحزاب دينية، يجرى الصمت على أنشطتها التوسعية  التى تواصل الخلط بين الدين والسياسة، لتخدم بقصد أو بدونه مخطط دعاة نشر الفوضى من القوى الدينية والمدنية المتطرفة. ولا سبيل لمواجهة هذا الخطر الماثل سوى أن يدعم نظام 30يونيو الأحزاب المدنية ماليا ومعنويا، وأن يراجع سياسة التجاهل فى التعامل معها، وأن يشجع الشباب المحيط به على الانخراط فى صفوفها، بدلا من التعويل على أوهام  الدمج، لحل مشاكل  التعدد الحزبى والتعثر الديمقراطى!