رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أحوالنا

يقول المثل الشعبى: إن عشقت اعشق قمر وإن سرقت اسرق جمل، والمعنى المقصود هو أن تطمح فى كل الأحوال إلى الحصول على الأفضل وألا تقنع بالقليل. وبالنظر إلى أحوالنا الآن نجد أن الطموح تجاوز هذا المثل بمراحل كثيرة، فما كان جملاً بالأمس صار حملاً وديعاً أو مجرد دجاجة فى عالم اليوم الذى تجاوزت فيه السرقات أرقام المليون ذات الستة أصفار إلى المليارات ذات التسعة أصفار. وقد تنوعت السرقات الكبيرة ما بين المواد التموينية وصوامع القمح والأراضى بمختلف أنواعها أى الزراعية وتلك التى تصلح للبناء وغيرها من الأهداف التى كانت مطمحاً لكبار اللصوص وتساقط كثير منهم على يد رجال الرقابة الإدارية الذين أعادوا الثقة للناس فى جدية الدولة فى محاربة الفساد.

إلا أن السرقة لا تقف عند حدود الأشياء المادية التى يسهل تقدير قيمتها المالية. فنظراً لأننا نعيش الآن عصر المعرفة فإن القيمة الكبرى انتقلت من المواد الزراعية والصناعية إلى المواد الفكرية. وأصبح من يملك الفكر يملك ثروة لا محدودة تتجاوز بكثير ثروات الأثرياء التقليديين من ملاك الإقطاعيات الزراعية والمشروعات الصناعية وحتى المشاريع العقارية. ونظرة واحدة على قائمة أسماء أغنى أغنياء العالم نجد أن من يتصدرها فى السنوات الأخيرة هو بيل جيتس مؤسس شركة ميكروسوفت وإلى جانبه نجد أسماء مارك زوكربرج مؤسس مشروع فيسبوك واسم الراحل ستيف جوبز صاحب الابتكارات التى تفوقت بها شركة أبل للبرمجيات، وإلى جانبهم أسماء أخرى كثيرة من أصحاب المليارات الذين كونوا ثرواتهم اعتماداً على تفوقهم الفكرى فى هذا العصر الذى تحظى فيه المعرفة بموقع الصدارة. 

ونظرًا لأن الأفكار أصبحت تساوى ثروات، فإنها باتت هدفاً للسرقات مثلها مثل المعادن الثمينة. ولكن نظراً لأن الأفكار لا يمكن حبسها فى خزائن بعيداً عن الأنظار لأنها تفقد قيمتها فى هذه الحالة، فإنها عرضة للسرقة أكثر بكثير من المواد الأخرى ذات القيمة العالية. وقد أدى الانفجار المعرفى الذى ساد العالم فى الألفية الثالثة، إلى سهولة انتقال المعلومات عبر أجهزة الكمبيوتر والأجهزة النقالة والألواح الإلكترونية وأجهزة التليفون المحمولة. ومع سهولة انتقال المعلومات وتطور القدرات التقنية فى نقل المعلومة ورصدها وتخزينها واسترجاعها أصبحت سرقة المعلومات عملية أكثر سهولة ويسراً. ولكن هناك دائماً الوجه الآخر للتقدم العلمى. فمثلما أتاح العلم نقل المعلومات عبر شبكات أرضية وفضائية بكل سهولة، فإنه وفر أيضاً سبل حماية هذه المعلومات فى مواجهة اللصوص والقراصنة. 

وفى الحقيقة فإن سرقة الأفكار والمعلومات ليست جديدة أو حكراً على العصر الحالى. فقد عرف العالم من قديم أساليب التجسس الصناعى وسرقة الأفكار داخل الأوساط العلمية. ولكن الأساليب العلمية الجديدة مكنت العالم من ضبط اللصوص الذين يسطون على أفكار الغير ويستحلون سرقة نتاج كدهم واجتهادهم ونسبه إلى أنفسهم بكل أريحية. فقد أصبح فى الإمكان الآن ضبط عمليات النقل من أى مؤلف علمى أو أدبى عن طريق عرضه على برنامج كمبيوتر خاص باكتشاف عمليات الاقتباس التى يتم فيها السطو على الأوراق العلمية للغير دون الإشارة إلى المؤلف الأصلى. وقد أدت هذه البرامج إلى ضبط عمليات سرقة قام بها باحثون أكاديميون وصحفيون يشار إليهم بالبنان ففقدوا الكثير من سمعتهم ومصداقيتهم. ولكن رغم ذلك فإن عمليات السطو على أفكار الغير ما زالت مستمرة والقرصنة الفكرية التى تسطو على مؤلفات الغير من الكتب والأفلام السينمائية والموسيقى وغيرها لا تزال تُمارس من أفراد، وللأسف من بعض الدول أيضاً.