رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلام

الذين اقتربوا من فاروق حسنى الانسان، استشعروا فيه تمردًا على ذاته. فهو بطبعه متمرد ليس على الآخرين، بل تمرده فى داخله وعلى نفسه. وتمرد فاروق حسنى الذاتى، أشعل فى داخله ثورة تُنتِج نوعًا من أنواع الرسم، لا يستطيع أحد أنْ يضعه فى إطار محدد. والغريب أنَّ تمرد فاروق حسنى وثورته الداخلية لا تنعكس ضجيجًا وصخبًا على لوحاته، بل تراها هدوءًا وصفاءً ظاهرًا على مُسطح اللوحات التى تسمع منها التناغم، وتشم فيها نسائم البحر ورائحة الحياة، وأنت مُتحرر من موروثك السمعى والبصرى فى الذاكرة، لتسمع وترى عالمًا جديدًا ربما تكون تراه لأول مرة فى حياتك.. وربما يأتينا اليوم الذى يُصنَّف فيه انتاج فاروق حسنى الفنى فى مجمله لونًا جديدًا أو مدرسة جديدة من مدارس الفن التشكيلى.. ولوحات فاروق حسنى كأى لوحات لأى فنان، هى تعبير ذاتى عما بداخله، وﻷنَّ ما بداخل فاروق حسنى غالبًا يخالف ما بداخل غيره من الفنانين، فإنَّ نتاجه الفنى يأتى مختلفًا وفريدًا ومتمردًا أيضًا على كل الأُطر والقواعد.. وفاروق حسنى كفنان يتكلم باﻷلوان، فمفرداته تركيبات من ألوان، يفردها بريشته خطوطًا وخربشات على الورق أو القماش، يُخاطب بها النفوس بلغة التمرد المُجردة. وقيمته الفنية التى أدركها نُقاد الغرب، تُعيد تقديمه لنا فى مصر كغيرِ ما عَرِفناه وزيرًا، بل فنانًا مُبدعًا، تُمثِّل أعمالُه مرحلةً من مراحل تاريخ الفن التشكيلى الحديث..

وقد دعانى فاروق حسنى لافتتاح معرضه يوم السبت الماضى، فى قاعة جاليرى بيكاسو بالقاهرة الجديدة، لأتفاجأ وأنا فى وسط المدعوين بأننى فى مهرجان كبير، يحضره فنانون ونقاد ودارسون وأُدباء ومثقفون واعلاميون وسياسيون، جاء بعضُهم ربما مجاملة للرجل الذى احتجب بعيدًا عن مناخ الاتهام والتخوين بعد أحداث يناير 2011، لكنى عندما وقفت فى أحد أركان المعرض، أرقب عن كثب مدى اهتمام الزائرين بفن فاروق حسنى وليس شخصه وجدتهم بكل صدق  قد وقفوا طويلًا أمام لوحاته مُنجذبين، يُحاولون تفسيرها، وأنا أستمع لاستنتاجاتهم ونقاشاتهم، وكل منهم يُفسر ما يرى من وجهة نظره واحساسه الخاص، عندها تأكدت مِنْ صدق احساسه، وهو يُخاطبنا بلغة الألوان، وهذا مايقصده فاروق حسنى وكل التجريديين.

معرض فاروق حسنى نبهنى أنَّ مصر التى غرقت  أعوامًا فى التوهان قد استردت توازنها المفقود، عندما عاد أبناؤها يهتمون بالفن ويسعون إليه، بعد أنْ انجرف «المجتمع» فى استمتاع زائف بتفاهات وسخافات نسبها للفن بالباطل.

[email protected]