رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

فى إحدى دورات مجلس الشعب السابق، تلقت لجنة الصحة البرلمانية عدة شكاوى تشير إلى تعرض مرضى مستشفى الصحة النفسية بالعباسية لمضايقات ومعاملة سيئة من هيئة التمريض بالمستشفى، تشمل عمليات تعذيب، واعتداء جنسيا، وتخفيض كميات الأكل المخصصة للمرضى، وقتل بعضهم، وإهمالا فى المتابعة الصحية، وحجز أشخاص أصحاء بالاتفاق مع أسرهم مقابل رشاوى للاستيلاء على ميراثهم، بالإضافة إلى سوء غرف الحجز، وتشغيل المرضى فى أعمال مرهقة، وغيرها من الاتهامات التى حفزت لجنة الصحة على طلب الإذن من رئيس المجلس للقيام بزيارة إلى المستشفى لمواجهة مدير المستشفى وهيئة التمريض بهذه الشكاوى للتأكد من صحتها أو نفيها، وكان رئيس اللجنة فى ذلك الوقت الدكتور حسين الصيرفى فى بداية التسعينيات.

فى الطريق إلى المستشفى بأتوبيس مجلس الشعب، وكنت مرافقًا للجنة بصفتى محررًا برلمانيًا طرأ على تفكيرى زيارة عنبر «9» الشهير باحتجاز المرضى الخطرين داخله، وكنا نصفه ونحن صغار أن مجانين عنبر «9» يأكلون البشر، أو يحدثون بهم إصابات على الأقل إذا انفردوا بهم، كنا نعتقد ذلك، والتقينا مع مدير المستشفى وبعض أعضاء هيئة تمريض المستشفى، وقام الدكتور «حسين» بعرض الاستغاثات التى وصلت إلى اللجنة من المرضى، وكان رد مدير المستشفى وأعضاء هيئة التمريض.. يا سيادة النواب وسيادة الصحفيين: انتم هتاخدوا على كلام المرضى النفسيين، والعقليين.. هتصدقوا «بلحة» وتكذبونا.. وكان كلما اقترب مريض من المدير يقوم المدير يبوسه من بقه، والمريض ينظر له فى ذهول، وأعتقد أن إدارة المستشفى كانت على علم مسبق بزيارة اللجنة.. حيث وجدنا عنابر المرضى نظيفة ومغسولة بالماء والصابون، والمطبخ فشر فندق 7 نجوم، رائحة البصل والعدس تطسك فى مناخيرك وانت على بعد أمتار من الباب، والعيش متوفر وطازج، وملابس المرضى مزهزهة.

تركت الاجتماع وقمت بجولة بين أقسام المستشفى، وشاهدت بابًا غير مسموح بفتحه، وعرفت أنه عنبر «9» وبطريقة خالت على الحارس فتح لى الباب وشاهدت ما شاهدت وأثناء لقائنا مع بعض المرضى، استمعنا منهم إلى جميع الممارسات التى وردت فى شكاواهم، وأقسمت مريضة أنها لا تعانى من أى مرضى نفسى، وأن شقيقها وراء دخولها المستشفى للاستيلاء على ميراثها، وقالت أخرى وسط دموعها انها تعرضت للاعتداء الجنسى، وقال مريض رجل إنه يتعرض للضرب الوحشى، وقال آخرون كلامًا يجنن العقلاء، وكان رد مدير المستشفى متاخدوش عليهم دول «بلحة».. ويضيف مدير المستشفى: طيب يا بلحة، أنا زعلان منك.. لما يمشى الدكتور حسين أنا لى عتاب معاك، واقتنعت اللجنة أن كل المرضى بلح وكل ما يقولونه من تأثير مرضهم العقلى.

خرجت من المستشفى وأنا مقتنع اننا نحن البلح، وأن مدير المستشفى شربنا "شاي بالياسمين"، وأن ذنب هؤلاء المرضى فى رقبتنا جميعًا.

ولم أكن أتخيل أن معاناة مرضى مستشفى العباسية مستمرة حتى الآن رغم مرور هذه السنوات الطويلة، وأن نزلاء المستشفى الحاليين يتعرضون أيضًا للتعذيب والاعتداء الجنسى وامتهان كرامتهم، وتصويرهم بأسلوب غير لائق، وتقدم النائب الدكتور محمود فؤاد بسؤال إلى وزير الصحة عن هذه الممارسات، وقامت وزارة الصحة بإيقاف مدير المستشفى و«11» من أعضاء التمريض وإحالتهم للتحقيق.

هل عرفتم من هم البلح، أعتقد أن نزلاء مستشفى العباسية عقلاء.