رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

آفة الصحافة


التجسُس والتجسُس المُضاد.. العميل السرى المزدوج.. مُصطلحات تقترن بالأعمال الاسخباراتية للأجهزة الأمنية فى مُختلف دول العالم، بين مؤيد ومُعارض حول مدى مشروعية اختراق عُملاء المُخابرات للمؤسسات السياسية وغيرها، الا ان ما تتفق عليه مُعظم الدول هو ان كلمة الفصل تكون دائمًا فى تبنى المصالح حتى لو أدى الأمر للدخول فى حروب دامية.
 فى هذا الاطار تمكنت أجهزة الاستخبارات الهولندية من زرع عُملاء لها داخل شبكات قراصنة الانترنت الروسية، واستطاعت الحصول على أدلة دامغة تثبت تدخل الإدارة السياسية الروسية فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وذلك بالتعايش الحى لحظة بلحظة بصريًا مع قراصنة روسيا المُتسللين.
كانت المؤشرات الأولية فى شهر مارس العام الماضى قبل أيام قليلة من اجراء الانتخابات البرلمانية الهولندية، حينما بدأ شبح «الهاكرز» الروس يخيم على الانتخابات الهولندية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى أدى إلى فرض هولندا اجراءات أمنية شديدة تمثلت فى قرار حكومى بالتخلى عن استخدام أجهزة الكمبيوتر لفرز الأصوات، واحتساب النتائج يدويا لتجنب أى تلاعب الكترونى مُحتمل.
لكن اتضح مؤخرًا ان مخاوف حكومة هولندا كانت لها أساس صحيح، حيث تكشفت حقائق ان عناصر من جهاز الاستخبارات الهولندية AIVD اخترقت فى صيف عام 2014 أشهر مجموعة قرصنة روسية المعروفة باسم Cozy Bear «الدُب الدافئ» وتأكدت انها تدخلت إليكترونيًا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية والحزب الديمقراطى ووزارة الخارجية والبيت الأبيض، ما أدى إلى اتخاذ المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI قرار البدء فى عمل تحقيقات موسعة بناء على معلومات استخبارات هولندا.
حينما تمكن عميل الاستخبارات الهولندية من الدخول إلى شبكة الكمبيوتر فى صيف 2014 فى مبنى الجامعة بجوار الساحة الحمراء فى العاصمة الروسية موسكو لم يكن آنذاك لديه ادنى فكرة عن الآثار المترتبة على ما يقوم به من عمل، ولكن بعد مرور عام جلس هو وعُملاء آخرون فى مبنى الاستخبارات الهولندية فى مدينة Zoetermeer التى تبعُد حوالى 10 كم عن لاهاى يُتابع كيفية اختراق قراصنة الدُب الدافئ اللجنة السياسية العليا للحزب الديمقراطى فى أمريكا، دون ان يُلاحظ القراصنة اى شىء، وتابعوا عن بُعد كيفية الحصول على مئات الآلاف من رسائل البريد الإليكترونى وإدخال تغييرات نصية بما يتوافق مع أهداف حكومة الكرملين ثم اعادة توجيهها مرة أخرى.
لكن لم يتم تنبيه أجهزة الاستخبارات الأمريكية الا فى وقت متأخر لذلك لم تتمكن حكومة واشنطن من اتخاذ تدابير أمنية لحماية مسارات انتخابات الرئاسة الأمريكية التى تنافس عليها كل من «دونالد ترامب» من الحزب الجمهورى، و«هيلارى كلينتون» من الحزب الديمقراطى.
هاكرز «الدُب الدافئ» الروسى أراد ان ينتقم من استخبارات هولندا فقام خلال الأيام الماضية بشن هجوم على أنظمة الكمبيوتر فى أكبر بنوك هولندا ومؤسسات رسمية، واعتبره مكتب المُنسق الوطنى الهولندى للأمن ومُكافحة الارهاب انه الأشرس من نوعه، حيث تسبب فى تعطل الأعمال المصرفية فى أكبر البنوك الهولندية عبر شبكات الانترنت والتليفون المحمول، وبعض المؤسسات السياسية الرسمية المهمة، منها مؤسسات الضرائب والجمارك، مؤكدة ان الهجوم الإلكترونى من نوع DDoS الذى استهدف البنوك مصدره من روسيا.
وقد تزامن هذا الهجوم مع قيام فريق القرصنة بتنظيم مظاهرات وهمية مُتضادة طالت المسلمين فى أمريكا، ونشرت على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك بالتسويق لهما لتحريض الأمريكيين ضد بعضهم.
قراصنة «الدُب الدافئ» ليست حربا روسية هولندية فقط، فمن المؤكد انها حرب رقمية مُستمرة ليس من المُستبعد ان تطال دولا أخرى بالعالم.

[email protected]