رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

يأبى الزمن إلا أن يغرس خناجر الحزن الأسود فى خاصرة الأمل الراقد على الصبر، وكأننا ورثنا المستحيل سيظل المحك فى غيابة الجب ما لم يتسن للمعلم أن يتبوأ مكانته الاجتماعية التى تتجلى فى أرقى صور المجتمع، فإذا كان هذا الزمان يُكرم فيه ضارب الكرة برجليه واللاتي يهزن وسطهن ويعيش هؤلاء أفضل حياة من الأبهة والعظمة والتلميع الإعلامى ويلعبون بالمال ويسخرونه فى أغراضهم، وأصبح الإعلام بأنواعه أداة سهلة وميسرة لأهوائهم ولم يبق إلا المعلم صاحب أعظم رسالة سوى التكدير والتنكيت، كما جاء فى فيلم «رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة»، ولم تصل مصر إلى أعظم الحضارات والمكانة العلمية إلا بالمعلمين الذين علّموا كل المتعلمين وقدوتهم فى ذلك رسول رب العالمين محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين، فإن رسالة المعلم رسالة سماوية عظيمة كما جاء فى قول أمير الشعراء أحمد شوقى: قم للمعلم وفّه التبجيلَ - كاد المعلم أن يكون رسولاً

أرسلت بالتوراة موسى مرشداً - وابن البتول فعلم الإنجيلا

فإن المعلم هو أهم أركان العملية التعليمية وكما جاءت حقبة التسعينيات من القرن الماضى فى خطاب رئيس الجمهورية الأسبق فى عام 1991، بأن مشكلة التعليم قد مست جوانبه الأربعة وهي: المعلم، المناهج، الطالب، المدرسة.

وفى انتخابات الرئاسة 2005م، جاء من ضمن البرنامج الانتخابى لرئيس الجمهورية وقتئذ كادر خاص للمعلمين، ولو نظرنا للمعلم فإن التقدير المادى أحد المحكات التى تحدد وجه رضا المعلم عن مهنته ودرجة تفانيه فيها وبذل الجهد فى سبيلها، فإذا كان المعلم قبل 23 يوليو 1952م، يتقاضى مرتباً يصل إلى سبعة جنيهات فى ذلك الوقت وكان جرام الذهب يساوى اثنى عشر قرشاً أى كان يعادل 56 جراماً من الذهب وبحسب جرام الذهب فى آخر 2017 أى كان مرتب المعلم يساوى 33 ألف جنيه «ثلاثة وثلاثون ألف جنيه» تقريباً، وكان بالطبع يعنى إشباع حاجة المعلم وأسرته من سلع وبضائع وخدمات وترفيه وغيرها من الاحتياجات. والاستقرار واحد من أهم سمات النظام الاقتصادى قبل 23 يوليو 1952 ومن هنا لم ترتفع أسعار الذهب إلا بعد حرب السويس 1956م ليصل سعر جرام الذهب إلى ثلاثة وثلاثين قرشاً فى نفس الوقت الذى كان فيه راتب المعلم تسعة جنيهات، ومعنى ذلك أن راتب المعلم كان يعادل سعر سبعة وعشرين جراماً من الذهب، وفى آخر الخمسينيات وصل راتب المعلم من المؤهلات العليا إلى اثنى عشر جنيهاً، وزاد فى الستينيات لتصل إلى سبعة عشر جنيهاً.

وفى آخر السبعينيات وصلت رواتب المعلمين من أصحاب المؤهلات العليا ثمانية وعشرين جنيها، بينما أسعار الذهب 120 قرشاً، أى أن راتب المعلم أصبح يعادل ثلاثة وعشرين جراما من الذهب، بينما آخر القرن العشرين تدهورت قيمة العملة تدهوراً كبيراً بفضل التضخم وبفعل طباعة أوراق البنكنوت على المكشوف، بدون أن يوازيها الإنتاج أو الذهب مع استمرار سياسة ربط السوق المصرية بالسوق العالمية، وتحرير العملة وتساوى أسعار السلع بين داخل مصر وخارجها واليوم بعدما حصل المعلم على الكادر بالقانون رقم 155 لسنة 2007، والمعدل بالقانون رقم 93 لسنة 2012، والذى تصدع به من الإعلام والمجتمع وزاد عليه من الهجوم معنوياً واجتماعياً وأضر بالكثير أو البعض ممن تمت تسوية مؤهلاتهم العليا أثناء الخدمة ورجوعهم إلى درجات مالية أقل مما كانوا عليها ومع آخر 2017، يبلغ راتب المعلم فى أول تعيينه ودخوله تبع الحد الأدنى للأجور كمثل العاملين المدنيين بالدولة بالقانون رقم 47 لسنة 1978، فى أول تعيينه حوالى 1700 جنيه تقريباً أى ما يعادل تقريباً حوالى ثلاثة جرامات من الذهب، وهكذا يمكننا أن نقول إن راتب المعلم فى مطلع القرن الحادى والعشرين قد انخفض بمقدار ثمانية مرات بالمقارنة بزميله المعلم أول القرن العشرين.. فهل فهمنا الآن أهم أسباب تدهور التعليم فى مصر؟!

وبعد تعويم الجنيه ووصول الدولار إلى ما يقرب من عشرين جنيهاً أصبح راتب المعلم لا يساوى «صبى» فى محل بقالة!! فأين نحن من دول العالم التى وصلت فيه مصر إلى أدنى مرتبة على مستوى العالم، ولذا لا تقتلوا المعلم، وبناء مصر وتنميتها يبدأ بالمعلم، فارفعوه إلى مكانته السامية.