رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

«المعجون بمية العفاريت».. هكذا كان الوصف الذى اتفق الجميع على أن يكون صفة ملازمة لىّ فى طفولتى المبكرة، وتمنيت أن ألتقى ذات يوم بالعفاريت، وأتعرف على الماء الذى يستخدمونه والذى دخل فى تركيبتى فأصبحت معجوناً عجيباً.. وللحق أقول إننى كنت طفلاً لا يطاق، فإذا سُلطت على أحدهم حولت نهاره إلى لون الأسفلت، وإذا تركونى بمكان ولو لدقائق معدودة لوجدوا بصماتى فى كل الأركان «فيتشقلب» الحال وتتبدل الأوضاع، فكنت أهوى اللعب فى الكهرباء، وأستمتع برش الناس بالماء من بلكونة المنزل الذى أقمنا به فى شارع «الربيع الجيزى»، فإذا اشتكى أحد المارة أو رد على رميه بالمياه بشتائم أو سباب أو خلافه كنت أبحث عن كل ما حولى لألقى به هذا الشتّام السبّاب، ولذلك كان الناس يتجنبون المرور من تحت البلكونة التى كنت أحتلها فى الصباح والمساء ومن خلالها أسلى يومى مع عم «يوسف» البواب النوبى الجميل، وكان عم يوسف هو مسئول جلب كل ما أحتاجه من حلويات أو حاجة ساقعة ولكن بشرط أن أرمى له بالفلوس، وكنت أقوم بجرجرة أى كرسى أصادفه ثم أقف وأستند إلى السور وأنادى على عم يوسف. وذات يوم وفى ساعة عصارى حيث يفترش عم «بوسف» - بالباء - هكذا كنت أنطقها، حصيرة شديدة النظافة، جرجرت الكرسى المخصوص للكلام مع عم يوسف واتجهت إلى البلكونة وناديت على عم يوسف حتى رد علىّ وقال عاوز إيه يا أكرم بيه فقلت له «جاير» وكنت أقصد سجاير.. بالطبع لم أكن مدمن سجاير بحق وحقيقى ولكنها سجاير «الروب سوسى»، فأشار لى عم يوسف بأن أبعت له فلوس.. وقلت له عاوز «لوس» قال نعم.. ارمى فلوس، وذهبت للبحث فى كل مكان عن الـ«لوس» هذه لأننى كنت خرمان سجاير «روب سوسى»، وبالفعل عثرت على قطعة معدنية، وناديت عم يوسف، من جديد وقلت له «لوس» وألقيت بها عليه، والتقطها عم يوسف وقلبها ذات اليمين وذات اليسار ثم اختفى وبعد قليل وقفت فوق الكرسى من جديد وقلت فين «الجاير»، وطلب عم يوسف «فلوس» من جديد، وتكرر نفس السيناريو ثلاث مرات، فكنت ألقى له بقطعة معدنية وعندما غلب حمارى بحثت فى كل مكان عن شىء كبير فوجدت المكواة الحديدية التى تزيد على وزنى وحملتها بكل قوتى حتى وصلت إلى الكرسى وناديت على عم يوسف الذى وقف ضاحكاً وقال هات فلوس فألقيت بالمكواة على عم يوسف ووقعت على كتفه وسقط على الأرض، وساعتها أحسست بفرحة غامرة، ولكن بعد قليل جاء البوليس ثم الإسعاف فدخلت الحمام وقفلت على نفسى وفتحت الغسالة واختبأت داخلها وأحكمت الغطاء فوق رأسى.. فقد مات عم يوسف وذهب ضحية لطمعه فى الفلوس، ولم أفتح الباب يومها لمخلوق إلا عندما جاء الولد الشقى «السعدنى الكبير» - عليه رحمة الله - وكان ينادينى فى أوقات الرضا بكروته.. وقال افتح يا كروت يا حبيبى، ولبيت النداء.. فتحت الباء وقال: انت عملت إيه فى عمك يوسف.. فحكيت له ما جرى وضحك من أعماق قلبه، وهو يقول: بس دى مش فلوس مصرى.. دى فلوس إنجليزى ما ينفعش حد يشترى بيها حاجة من مصر.. فقد كان السعدنى كلما صحب شقيقتى الكبرى هالة إلى لندن عاد إلى مصر ومعه بعض العملات المعدنية، وكان من حظ عم يوسف المهبب أن هذه العملات وقعت بين يدى عندما طلبت منه سجاير «روب سوسى» ومن ساعتها أدرك كل من فى البيت وفى العمارة أن هناك شخصاً ينبغى التعامل معه بكل الحذر، ولم تمر أسابيع قليلة إلا وطرق باب البيت أحدهم وعندما فتحت الباب وجدت أمامى عم يوسف يتحرك وكأنه الرجل الآلى.. فقد كان يلبس قميصاً من الجبس على صدره، وكذلك إحدى يديه وباليد السليمة مد لىّ علبة سجاير «روب سوسى» وهو يقول من النهاردة كل يوم حأجيب لك علبة سجاير من غير ما تنادى ولا تبعت فلوس على حسابى، وعلشان خاطرى با ابنى الله يخليك بلاش تبص لىّ من البلكونة تانى.. ووزعت السجاير بينى وبين هالة وجلسنا نقلد السعدنى وهو يمسك بالسيجارة، وفى هذه الأيام كنا ثلاثة.. هالة وأنا وأمل الرضيعة، وكان الولد الشقى يعتبر ضيفاً أو طيفاً جميلاً يسهر الليل كله ثم ينام قليلاً منه ويصحو فى الصباح ليتجه إلى مجلة «صباح الخير» ثم يعود بعد الظهر ليتناول الغداء على طبلية بلدى ثم يحبس بالشاى وينام قليلاً ثم يعود إلى المجلة من جديد، وكان المنزل يشهد حالتين متناقضتين، الأولى فى وجود الولد الشقى حيث الكلام بالهمس والهزار باللمس والمشى على «طراطيف» الأصابع، أما حجرة نومه فقد كان ممنوع الاقتراب منها أو التصويت حولها ويا عينى لو لبس السعدنى هدومه وتهندم وخرج وقفل الباب من خلفه يتحول الهمس إلى صراخ واللمس إلى ضرب وطحن وتكسير، وكنت أستعين بغطيان الحلل للضرب بها كما تفعل فرقة حسب الله، وكانت شقيقتى هالة هى الهدف الأسمى للضرب والطعن، والنزال، فلم يكن بالبيت أحد يلعب معى سواها ولم نكن أعضاء فى نادٍ ولا نحن من هواة الزيارات الاجتماعية لسبب بسيط وهو أننا إذا دخلنا بيت صديق أو قريب للوالد أو الوالدة دخلناه عمراناً وتركناه خراباً يا بابا.. تماماً كالملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها.. ولذلك كان السعدنى الكبير وأمنا المصون إذا زنقت الظروف خرجا معاً من دون أن يصحبا أحداً منا، وذات يوم اضطرا للخروج لأداء واجب عزاء وتركانا هالة والرضيعة أمل وشخصى الضعيف، وكان هذا أمراً لو تعلمون خطيراً.. وكانت أمل نائمة وردد الوالد على أسماعنا الوصايا العشر بعدم الاقتراب من أمل أو اللعب فى البوتاجاز أو حسك عينك تدخل البلكونة.. وبمجرد خروج الوالدين اشتعل السيرك القومى وقلقنا منام البنت المسكينة فإذا بها تصرخ من شدة الخوف عندما بدأنا نلاعبها ولم تجد أمامها أمها فقررت هالة أن تحملها ولكن صراخها كاد يجلب علينا الجيران فقررنا أن نصنع لها وجبة طعام وسألتنى هالة هى بتاكل إيه؟! أجبتها على الفور باعتبارى أبوالعريف إن ماما بتحط لها بودرة تلك على المية ثم تقوم بغليها على النار وتشربها أمل ثم تنام بعد أن تشبع.. وبالفعل قمنا بإعداد وجبة البودرة ووضعناها فى البزازة دون أن نبردها ووقعت أمل بين يدى ريا وسكينة وتناولت المية أم بودرة وارتفع صراخها إلى الحد الذى جعل هالة وأنا نجرى بعيداً  عنها، ثم بدأ الصراخ فى الهبوط التدريجى حتى صمتت وسمعنا ضرب المفتاح فى الباب وهرولنا إلى الولد الشقى الذى احتضننا وهو يسأل إيه ده؟ مش سامع أى صوت يعنى؟! واتجهت أمنا نحو أمل وكأن حاستها السادسة أدركت أن هناك مكروهاً أصاب أمل.. ثم بدأ الصراخ من جانبها، فجرى السعدنى ليستطلع الأمر فإذا بأمل وقد تغير لونها وتنفسها ولم تعد تستجيب بالصوت أو الحركة.. وحملها الولد الشقى واتجه إلى المستشفى، وهنا تولى أمرها دكتور شاب اسمه حسين كامل بهاء الدين، الذى أصبح فيما بعد وزير التعليم، وقام الطبيب بفتح أوردة القدم لأمل يزودها بالمحاليل اللازمة لإنقاذ حياتها.. وبعد قليل دبت الحياة فى جسد أمل بأمر ربى وبفضل جهد الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وعاد السعدنى وأمنا المصون ومعهما أمل وقد انكتب لها عمر جديد، ثم بدأ التحقيق فى الأمر، ونصب السعدنى محاكمة فورية أشبه بمحاكم الثوار التى تستجوب وتنطق بالحكم فى نفس الجلسة، وكان من نصيب كل منا كام قلم على «القفا» وذهبنا إلى حجرتنا ولم ننم ليلتنا ليس بسبب الضرب ولكن بسبب المأساة التى كادت تودى بحياة أمل بفضل عبقريتنا فى صنع وجبة بودرة التلك، ويومها أقسم السعدنى برأس جده الكبير أنه لا خروج ولا فسحة بعد اليوم وأن «أم أكرم» لن تغادر المنزل بعد ذلك لأى سبب من الأسباب، وعلى الرغم من ذلك فإن رحلات السعدنى إلى المستشفيات بفضل شقاوتى لم تتوقف، فقد شاهدت فيلماً من أفلام الكاراتيه ورأيت البطل يحرق كفوف يديه ليقتل الإحساس ويزيدها قوة.. وأعجبت بهذا البطل الأسطورى واختزنت صورته فى مخيلتى حتى جاء الوقت المناسب لاستدعى صورته من الذاكرة.. فقد كانت أمى الفاضلة تقوم بكى قميص للولد الشقى ووجدت المكواة وقد انبعث منها بخار رهيب فقررت أن أحرق كف يدى وانتهزت انشغال أمى بطى القميص ووضعت يدى على المكواة.. وكدت أموت من شدة الألم الذى اعتصر قلبى.. والعجيب أننى خفت من أسئلة الولد الشقى أكثر من خوفى على مصير كف يدى من الحريق، وعلى صراخى استيقظ السعدنى الكبير وارتدى ملابسه بسرعة الصاروخ وسحبنى إلى «أم المصريين».. وبعد الحريق بعدة أسابيع فتحت باب الشقة واتجهت إلى جارى «وائل عبداللطيف»، وبمجرد أن فتح باب الشقة بدأنا المصارعة الرومانية وانتهى النزال بكسر مضاعف فى يدى اليسرى تسبب لها فى ضعف عام بالعضلات بسبب وضعها فى الجبس لمدة ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، ولكننى أحسست أننى داخل حبس وليس جبس، وقلت بينى وبين نفسى إنه الانتقام الإلهى لعم يوسف.. فقد دخلنا معاً إلى الجبس والذى تحول بعد ذلك لأعتى الأسلحة فى مواجهة الصغار من الجيران والزوار.. ولا أنسى فى تلك الأزمة علامات الرعب التى ارتسمت على وجه السعدنى الكبير والأطباء يرفعون الأشعة أمام اللمبة النيون فقد ظنوا أنها لن تعود إلى سابق عهدها مرة أخرى، ولكن الله سلم ومضت الأمور على ما يرام بل كانت «رب ضارة نافعة» فقد جاءنى عم «كامل الشناوى» - عليه رحمة الله - ليسلم عليَّ فى مرضى هذا.. وكنت أشتمه كلما كلمنى فى التليفون ويهددنى بأنه حيقول لأبويا فكنت أشتم أبويا أيضاً - فى التليفون مع كامل - وكان كامل الشناوى يضحك من أعماق قلبه كلما شتمته، وأما الهدية فكانت رداء محارب رومانى: خوذة ودرع وسيف وصديرى كلها من البرونز، وكانت أجمل هدية تلقيتها.. وفى زى المحارب كنت أقف على البسطة أمام باب بيتنا أضرب الداخل والخارج لدرجة أن جميع السكان اشتكوا للسعدنى من وجودى العدوانى فى انتظار الساقطة واللاقطة، وعندما علمت بالأمر كنت أطاردهم بالشتائم والسخرية، وذات يوم كتب لهذه البناية الهادئة الساكنة بالطيبين من الناس ومعهم الحيوانات الأليفة القطط منها والكلاب التى كانت تبحث عن طعام وسط الزبالة فكنت أطاردها وأمسك بها وعلى يدى تذوق ألوان العذاب، أقول كل هذه المخلوقات كتب لها أن تعرف الهدوء والسكينة وذلك عندما اهتدى السعدنى إلى منزل أكبر وفى منطقة أجمل تطل على نيل الجيزة مباشرة وبجوار قسم الجيزة فى شارع البحر الأعظم انتقلنا للإقامة وبدأ الاستعداد لتنظيم الأمور داخل البيت الجديد، وكانت الإضافة الوحيدة التى لفتت نظرى داخل هذا المنزل الجديد هى الأجزخانة التى علقها السعدنى أمام سريره على الحائط وفيها أنواع غريبة من العلب داخلها حبوب ملونة وزجاجات تحوى سوائل وأمبولات للحقن.

وكان «عمر إبراهيم» رجلاً فى الخمسينيات من العمر يركب موتوسيكل ومعه كرسى على الجانب يأتى كل يوم جمعة بعد أن يمر على «محمد عبدالوهاب» ثم يخرج من شنطته علبة معدنية فيها حقنة كبيرة كلما شاهدتها تذكرت أغنية «محمد فوزى» «عارف أدى له الحقنة ليه»، وكان يطلب منى أن أسلم الحقنة إلى الست الوالدة لكى تغليها فى الماء ثم يقوم بعد ذلك بحقن السعدنى، فى هذا اليوم كانت الأجزخانة المعلقة على الحائط مفتوحة حتى ينتهى «عمر إبراهيم» من ضرب الحقنة، وكنت أترقب الفرص وغياب أمنا الطيبة الودود، وفى غفلة منها لكى نفتح هذا العالم السرى ونسبر أغواره ونمارس دور «عمر ابراهيم» فى ضرب الحقن أو نمثل دور المريض الذى هو فى حاجة الى الدواء، وما أكثر وما أجمل أن نقوم بدور العيان الهفتان المسكين.. وذات يوم صحب الولد الشقى الست الوالدة معه للقيام بواجب العزاء، وكانت أختنا الصغرى «حنان» لم تأت بعد إلى الحياة فجمعت الأخوات هالة وأمل وهبة «رحمها الله» وقمنا بعمل تمثيلية وفتحنا الأجزخانة وتذوقت جميع أصناف الدواء، واستعذبت واحداً منها كان مذاقه كالشيكولاتة، فقمت بمنح كل بنت حبة واحدة وتوليت التهام ما فى الزجاجة.. وعندما عاد الولد الشقى الى البيت ومعه أمنا لاحظا شيئاً عجيباً بدا على سحنتى أنا وشقيقتى الكبرى هالة.. وتطور هذا الشىء بعد عدة ساعات فإذا بحبوب حمراء تغطى كل وجهى وجسدى، وهنا كان على الولد الشقى أن يشخط شخطة عنترية انتوا أكلتوا ايه يا أولاد الـ....؟! وعلى الفور أجابت البنات فى صوت واحد «أكرم» فتح الأجزخانة وأكل كل الدواد اللى فيها.. و«رب ضارة نافعة».. فقد أخذنى السعدنى من يدى واتجه على وجه السرعة إلى «روزاليوسف» وشاهدت رجلاً كنت أراه في المجلات والجرائد وعلى أغلفة الكتب، له شَعر كثيف ويتكلم بطريقة هادئة وتشعر أن ضوءاً يسطع من وجهه.. فى البداية تصورت أنه ممثل سيما أمريكانى، وكان السعدنى يناديه بعم إحسان.. وبالمناسبة كان عمرى فى ذلك الوقت لم يتجاوز الخمسة أعوام، واكتشفت أن الرجل اسمه «إحسان عبدالقدوس».. واتصل «عم إحسان» بمستشفى قصر العينى وعندما ذهبنا إلى هناك كان فى استقبالنا جيش جرار من الأطباء والممرضين قاموا بوضعى على سرير تمام كما فى الأفلام وتصورت أن المشهد القادم سيقوم أحدهم بتغطية وجهى بملاءة السرير ثم ينظر الطبيب نظرة منكسرة إلى الولد الشقى وهو يقول «البقية فى حياتك» ولكنهم جاءوا بسيدة تشبه الستات اللاتى يشتغلن فى السجون، فكانت سمراء وبدينة وقوية إلى درجة أننى لم أستطع أن أقاومها وفتحت فمى وقامت بوضع خرطوم كبير فى نهايته قمع وقاموا بتفريغ المياه وأنا أصرح وأسب الأطباء والممرضين والعاملين بكل ما جاء فى قاموس «حارة رابعة» من شتائم.. وإذا بأحد الأطباء يقول للسعدنى: «ده باين عليه ابن حلال مصفى يا أستاذ محمود»، وآخر يعلق من شابه أباه فما ظلم، ولم يكن الموقف يسمح للسعدنى بأن يأخذ ويعطى ولكنه سأل الحكاية ح تعدى على خير؟ فقالت الست إياها احنا عملنا غسيل معدة وح يبقى زى الفل.. وكنت أشاهد الحبوب وهى تصعد إلى القمع.. وأمر السعدنى الست إياها بأن تلقى بالحبوب بعيداً، ولكنها قالت لا نستطيع، إن غسيل المعدة كفيل بإذابة هذه السموم.. وطمأنت الوالد بأن كل شىء سيكون على ما يرام.. وعندما انتهت هذه العملية المزعجة أقسمت ميت يمين ألا أفعل أى شىء يضعنى تحت رحمة هؤلاء الأطباء والممرضين مرة أخرى، وبعد ذلك اختفت الأجزخانة من بيتنا وكان السعدنى يقوم بإخفاء الدواء فى دولابه ويغلقه بالضبة والمفتاح، ولكننا عرفنا طريقاً آخر لابد من معرفة كامل أسراره إنها منطقة البحر الأعظم والتى اكتشفنا أن الواجهة ما هى إلا برافان يخفى وراءه عالماً سحرياً ليس له وجود لا فى عالم السينما ولا المسرح ولا التليفزيون.

ويحوى أصنافا من البشر كل منهم يصلح أن يكون بطلاً لفيلم يفوز بجائزة الأوسكار أو بطلاً لرواية تنال جائزة نوبل أو نوفل.. إنها الحارة المصرية التى أنجبت العظماء والنبهاء فى كل مجال وهى تختلف تمام الاختلاف عن العشوائيات وما تنتجه العشوائيات وقد كانت حارة الشيخ رويس هى ذلك صندوق الدنيا المفتوح.